بقلم: نشوى الحوفى
رغم كافة التوقعات الدولية التى تناولت تأثير فيروس كورونا على حركة الاقتصاد العالمى فى الفترة المقبلة، وما يستتبعه ذلك من تأثير على الاقتصاد المصرى كواحد من اقتصاديات العالم، فإنه كان لا بد من التوقف أمام تقرير بنك استثمار فاروس منذ أيام والذى تناقلته المواقع الإخبارية، وكشف فيه عن توقعات تتعلق بالاقتصاد المصرى فى الفترة المقبلة.
تضمن التقرير تراجع إيرادات العملة الأجنبية للاقتصاد المصرى بنحو 12.1 مليار دولار كنتيجة تراجع السياحة لتوقف حركة السفر والطيران بين دول العالم جميعها، متوقعاً أن تتراوح إيراداتها بين 6-8 مليارات دولار، مقابل 12.6 مليار دولار فى العام الماضى. وتراجعت إيرادات المصريين بالخارج لتتراوح بين 17 - 18 مليار دولار، بدلاً من 22 مليار دولار كانت متوقعة تأثراً بما يواجه الاقتصاد بدول الخليج. بالإضافة إلى تراجع الاستثمار الأجنبى إلى نحو 4.5 مليار دولار مقابل 6.5 مليار دولار فى العام الماضى. وأخيراً كانت الإشارة إلى تراجع تدفقات الاستثمارات غير المباشرة إلى نحو 3 مليارات دولار، بدلاً من 4.5 مليار دولار.
ربما لم يقدم التقرير الماضى جديداً فما ذكره كان متوقعاً فى ظل ما يواجهه العالم من اجتياح فيروس كورونا وانتشاره الذى أثر على قرارات دول العالم فى كافة المجالات لا المجال الصحى فقط. ولكن ربما يكون التقرير هو الأول فى توقع الأرقام التى ربما يخسرها القطاع الاقتصادى المصرى فى الفترة المقبلة وهو ما يستلزم وقفة مع النفس لندرك حجم ما نواجهه فى الداخل والخارج.
نعم، أؤمن بأن كورونا هو فيروس ذو هدف اقتصادى منذ اليوم الأول وإن أصاب صحة وحياة البشر التى هى أغلى استثمار على وجه الكون. كما كتبت سابقاً أن كورونا يعيد تشكيل ملامح العالم اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً لإعداد المسرح الدولى لما يتم ترتيبه الآن. ولكننى أدرك فى ذات اللحظة أن بلادى تحت مجهر الحصار والتخطيط منذ أن أطاحت بحكم الفاشية الإخوانية فى العام 2013، وأدرك ما بذلناه وما دفعناه من ثمن على مدار السنوات الست الماضية لنصل إلى ما وصلنا له اليوم من معدل نمو وإنتاج واحتياطى نقدى وتراجع بطالة وعجز موازنة.
فرغم ما مررنا به من خطوات ناجحة كانت تبشر بلحظات انفراج اقتصادى تنعكس على حياة المواطن الذى أسهم بكل قوته فى دعم خطوات الإصلاح، إلا أن المستقبل القريب بات يحمل تغيرات اقتصادية عنيفة تستلزم أن نكون وحدة واحدة فى وجه ذلك الطوفان الذى يواجهه العالم كله. وحدة واحدة على مستوى التخطيط الرسمى الصحيح الحامل لأكثر من استراتيجية وخطة بديلة لمواجهة المستقبل الغامض المتأرجح دولياً، وقد أثبتنا نجاحنا فى هذا المجال فى السنوات الخمس الأخيرة إلى حد كبير، كتلة واحدة على مستوى رجال المال والأعمال فى القطاع الخاص الذى يجب أن يدرك من جانب مسئوليته فى الحفاظ على مستوى الإنتاج وزيادته لدعم اقتصاد الدولة، ومن جانب آخر الحفاظ على الأيدى العاملة لديه من دون تقليلها أو تخفيض الأجور. كتلة واحدة على مستوى المواطن العادى الذى يجب أن يفهم مجريات الأمور على الصعيد الدولى وانعكاس ذلك على المستوى المحلى، ففى فهمه لما يحدث ووعيه به أكبر حماية له وللوطن.
نعم، جاء كورونا -أو تم الإعداد له- بما لا تشتهى السفن، ولكن حرى بنا أن نكون كتلة واحدة فى مواجهته ومواجهة ما سيفرضه علينا من تحديات على كافة المسارات. أذكركم وأذكر نفسى قبلكم بأننا فى وطن أثبت عبر سنوات الأزمة العشر الماضية كم هو عصى على الأزمات، فلتساندوه بالكلمة والموقف والإنتاج والوعى، فليس لنا سواه وطناً.