توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كومبارس الدور الأول!

  مصر اليوم -

كومبارس الدور الأول

بقلم: نشوى الحوفى

تتعدد أزماتنا فى عالمنا العربى، ولكن واحدة من أبرزها أننا لا نقرأ التاريخ ولا نعى دروسه. نكرر أخطاءه برحابة صدر كمدمن عليها، نرتكب ذات الأفعال التى ما زلنا ندفع ثمنها ونحن على يقين بنتائج مختلفة، نمارس السياسة كومبارس مجاميع ونظن أننا أصحاب الدور الأول!

يكفى أن تطلع على ما أخرجته وسائل إعلام العالم من وثائق ومراسلات غزو العراق للكويت فى 2 أغسطس عام 1990، لتدرك أننا وقتها لم نمارس غير عادتنا فى منح الآخر فرصة ابتلاعنا وأننا وإلى اليوم ما زلنا محلك سر!

أدرك بحكم قراءة التاريخ القريب والبعيد أن ما حدث فى منطقتنا بعد حرب أكتوبر 1973 كان مخططاً ومقدراً لا من سبيل الصدفة، بدءاً من اتفاقية البترودولار بين أمريكا والسعودية ثم دول الأوبك عام 1974 مروراً بمقتل الملك فيصل عام 1975، وثورة «الخمينى» المدعومة من الـ«سى آى إيه»، وحرب الخليج الأولى بين العراق وإيران 1979 لمدة ثمانى سنوات، وحرب أفغانستان والاتحاد السوفيتى 1979، والغزو العراقى للكويت، و... و... و... انتهاءً بما نحن فيه الآن. دون إغفال لدورنا فى تنفيذ المؤامرة عن ضعف أو جهل أو خيانة. ولكننى أتوقف عند حالة غزو العراق للكويت عام 1990 وما بها من خلطة مشاعر إنسانية مدمرة.

المشهد كان يختلط بين حالة من الزهو الواهم لدى الرئيس العراقى صدام حسين، الذى خرج من حرب الخليج الأولى التى انتهت بقبول إيران لقرار الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار بعد هزائمها وخسارتها عام 1988، ظن «صدام» أنه الزعيم الذى لا يُقهر حامى العرب السنة من الثورة الخومينية الشيعية. بينما الواقع كان يقول إنه بتخطيط مخابرات الغرب المحكم اندلعت الحرب واستمرت ثمانى سنوات، وبتمويل الخليج كان دعم صدام بأوامر من الغرب المخطط، وبأموال العرب كان شراء السلاح من الشركات الغربية التى باعت السلاح للعرب ولإيران فى نفس ذات الوقت! يكفى أن ترجع لفضيحة «كونترا - جيت» التى كشفت علاقة الإدارة الأمريكية بإيران عام 1983.

صدّق صدام حسين العرض الذى قام بأدائه، واختلط وهمه بطمعه فأراد أن يحقق ما فشل فيه أسلافه عام 1961 حينما أعلنت الكويت استقلالها عن بريطانيا وأراد عبدالكريم قاسم أن يضمها للعراق ولم تفلح مساعيه. وتركت واشنطن رسالتها لصدام عبر لقائه بسفيرتها فى بغداد «أبريل جلاسبى» التى قالت له قبل الغزو بعدة أيام أنهم منزعجون من الحشد العسكرى للعراق فى الجنوب عند الحدود مع الكويت، إلا أنهم غير مستعدين للتدخل فى الخلافات العربية! وهو الطعم الذى ابتلعه صدام وأدرك كذبه فى اليوم الرابع لاحتلاله الكويت حينما أرسلت واشنطن طائراتها إلى السعودية للدفاع عن أصدقائها فى الخليج فى الظاهر وإكمال مخططها بالسيطرة على المنطقة فى الباطن، لتبدأ عاصفة الصحراء.

لم يكن «صدام» وحده هو المخطئ الطامع فى العرب، كان هناك شركاء له ممن أيدوا فعله كالملك عبدالله فى الأردن، وياسر عرفات فى فلسطين، وعلى عبدالله صالح فى اليمن. وآخرون صمتوا على فعلته شماتة أو تواطؤاً ورأى فيها فرصة للتخلص من سطوة صدام على الخليج. لم نقرأ التاريخ ولم نستوعبه فكررنا خيانتنا لبعضنا البعض وانتهزنا الفرص ضد بعضنا البعض بينما كانت الثيران كلها تنهش فى لحظة واحدة والعرب مغيبون.

هل تعلمنا من الذكرى بعد مرور 30 عاماً؟        

لا.. لم نتعلم وما زلنا نمارس فعلنا بأيدينا قبل أيديهم. نتقاتل على هياكل الدول ونتودد لمسميات لم تثبت الأيام صحتها. فلا صداقة فى سياسة ولا استقرار فى مصالح تتغير كل يوم. واضرب لهم مثلاً فى اليمن وليبيا والعراق ولبنان وسوريا.. حيث تتلاقى الأضداد المتكررة تحت مظلة تقسيم المصالح، فلا روسيا حليف للعرب ولا أمريكا والغرب أصدقاء استراتيجيون ولا تركيا أو إيران أصحاب راية إسلامية. ولكنها مصطلحات تمنحنا الاطمئنان الزائف بالسند الذى نحتاجه، دون أن يتوقف أصحاب تلك التعبيرات -حتى ولو من باب المنفعة الشخصية لهم- أمام عبر التاريخ ودروسه ليقيموا حلفاءهم وأصدقاءهم وأصحاب الرايات الحمر! ليدركوا أن قوتهم وأمانهم وبقاءهم فى وحدة لم يسعوا لها سوى بعقد الاجتماعات والتقاط الصور والتصريحات الإعلامية.

فلماذا ينصفنا التاريخ ونحن من نهمله؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كومبارس الدور الأول كومبارس الدور الأول



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon