بقلم: نشوى الحوفى
منذ عدة أيام، وفى 24 ساعة، ضربت إسرائيل مخازن سلاح لقوات الحشد الشعبى فى العراق، ومقارّ لمقاتلين إيرانيين فى دمشق بسوريا، وسيّرت طائرتين بدون طيار تم إسقاطهما فوق بيروت العاصمة اللبنانية فى مناطق تابعة لحزب الله. العلاقة بين الثلاثة أهداف هى تبعيتها وعلاقتها بإيران التى تدّعى إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية عداءهما لها. فهل هى الحرب تعلنها إسرائيل على إيران بشكل غير مباشر بضرب أهداف لها فى أكثر من دولة؟ أم أنها تنتظر رد فعل إيران بعد ضرب تلك الأهداف؟ أم أنها تتوقع هجمات من أذرع إيران فى الدول الثلاث، ولعل أبرزها حزب الله، كما حدث فى العالم 2006؟
دعونا نبدأ من إسرائيل المعتدية، حيث اختلف تحليل وسائل الإعلام الإسرائيلية للخطوة. البعض وصفها بأنها وسيلة لكسب التأييد الشعبى لنتنياهو قبل نحو شهر من الانتخابات، والبعض الآخر وصفها كخطوة حقيقية تعبّر عن المخاطر التى تتعرض لها إسرائيل، وبخاصة بعد أن نشرت وسائل الإعلام خبراً مفاده حرص نتنياهو على إبلاغ منافسه السياسى الرئيسى «بينى جانتس» من حزب «أزرق أبيض» بالتطورات الأمنية الأخيرة. وهو أمر وُصف بغير المعتاد، بل النادر. وقد تم تفسير الأمر بأنه تم لكون جانتس شغل منصب رئيس أركان الجيش الإسرائيلى السابق، لا لكونه منافساً سياسياً لرئيس الوزراء. وأياً كانت أهداف الخطوة فإسرائيل لن تغامر بخطوة هجومية كتلك إلا وهى تعلم نتائجها وقد درستها جيداً. فهل هى بحاجة لحرب؟
على الجبهات الأخرى بالطبع صاحب الهجوم الإسرائيلى فى لبنان والعراق وسوريا، حالة من الشجب والتنديد والرفض الذى وصل لحالة من التهديد مع حزب الله فى لبنان متوعداً إسرائيل بالويل والثبور كالعادة. ولكن هل يتجه حزب الله لتوجيه ضربة لإسرائيل كما حدث فى العام 2006؟ الواقع ينفى هذا الاتجاه لأسباب كثيرة أهمها أن حزب الله جزء من السلطة اليوم فى لبنان، وقد ثبّت أقدامه بتحالفات مع قوى السياسة فى لبنان أهمها تحالفه مع الرئيس اللبنانى ميشيل عون، وفوزه بأغلبية مقاعد البرلمان. وتلك القوى ترفض أى مغامرات جديدة تدفع بالبلد للهاوية. كما أن قوات حزب الله، التى يقدّرها البعض بنحو 45 ألف مقاتل، يتوزع الجزء الأكبر منها فى لبنان، وأجزاء منها فى سوريا والعراق واليمن.
أما فى إيران فقد صرح المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، على ربيعى، أنه «يجب على إسرائيل أن تفهم عواقب وثمن عدوانها على العراق ولبنان وسوريا، وأن لهذه الدول الحق فى الدفاع عن نفسها». بينما اكتفى قاسم سليمانى، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثورى الإيرانى، بتغريدة على «تويتر» قال فيها: «هذه العمليات الجنونية بلا شك ستكون آخر تخبطات النظام الصهيونى»!
هكذا جاء الرد على هجمات إسرائيل المصحوبة بضوء أخضر أمريكى تحت مسميات الضغط على إيران، قطع أذرع إيران، مواجهة إيران.. وغيرها من المصطلحات التى تحشد بها أمريكا وإسرائيل دول المنطقة منذ عام 2017 لمواجهة يتحكمان بها، برفع سقف العداء ضد إيران واتخاذ إجراءات عقابية ضدها، من أجل مزيد من الوجود العسكرى فى المنطقة، ومزيد من الابتزاز المالى للمنطقة، ومزيد من القبول الدبلوماسى لإسرائيل فى المنطقة، تمهيداً لدفن قضية القدس، التى تقف مصر مدافعة عنها بقوة. وجميعنا لا ينسى اجتماع نتنياهو بمسئولين رفيعى المستوى من دول الخليج فى مؤتمر وارسو فى شهر مارس الماضى، حينما أعلنوا أن إسرائيل ليست مشكلتهم، بينما إيران هى العدو؟!!
لا أحد من هؤلاء يريد الحرب الآن.. ولكنه استعراض القوى وترسيخ الوجود، والتذكير باستمرار وجود العدو الذى من أجله ينادون بـ«الناتو العربى الإسرائيلى».. ولا عزاء للأبرياء.