بقلم - نشوى الحوفى
هل جربت إحساس أم تحمل طفلها من متحدى الإعاقة وهى تجرى من مكان سكنها فى السادس من أكتوبر إلى المقطم أو مدينة نصر-أو العكس- كى يحضر جلسة تخاطب أو علاج طبيعى لا تتوافر له فى مكان سكنها؟ هل عانيت من جحود الضمائر فى بعض مدارس التعليم المصرية حين رفضت قبول ابنك من ذوى الاحتياجات الخاصة بتعنت رغم قوانين الدمج المنصوص عليها فى الدولة؟ هل بكيت وأنت تحتضن طفلتك المصابة بالتوحد لجهل من حولها بحقيقة المرض الذى لا علاقة له بالتخلف العقلى أو الذهنى أو تأخر الفهم كما يشيعون؟ هل تملكك العجز وأنت تتلقى قضاء الله فى أغلى ما تملك فى الحياة وأنت ترى نظرات المحيطين بك وهى توصمك فى ركن المختلفين فيبتعدون عنك؟
تلك بعض من مشاعر ملايين الآباء والأمهات فى بلادى لأبناء لم يفعلوا شيئاً فى الحياة سوى الاستسلام لقضاء الله فيهم، ومن هنا كانت أهمية الملتقى العربى الأول لذوى الاحتياجات الخاصة الذى افتتح فعالياته بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى يوم الاثنين الماضى بشرم الشيخ، ونظمته وزارة التربية والتعليم بحضور عدد من وفود الدول العربية، فأهمية الملتقى لا تتمثل فى ما تم إعلانه من قرارات أو قوانين وسبل تفعيلها، ولكن فى وضع قضية متحدى الإعاقة فى بؤرة الضوء وتسليم الدولة المسئولية عنهم أمام الناس وإعلان رئيس الجمهورية أن حقوقهم فرض، وتأكيد وزارة التربية والتعليم على أن بناء الإنسان حتماً غير مشروط بحالة جسدية أو مرضية أو دينية، بل يجب أن يكون مرهوناً بمواطنته فى الدولة وإنسانيته فى الحياة.
وتلك مسئولية المجتمع ككل لا مسئولية مؤسسات دولة وحسب، الجميع لا بد أن يكون على قدر القضية، فالمسألة ليست حدثاً رياضياً أو سياسياً تم نقله عبر شاشات التليفزيون، ولكنه مستقبل أسر وأبناء لطالما عانوا من قسوة المجتمع الفاقد للإنسانية بينما يتمسح دوماً فى عباءة الدين الذى لا يطبقه فى معاملاته! وغياب المؤسسات المخططة برؤية محددة وحاسمة لكيفية تسهيل الحياة عليهم، ومن هنا يكون السؤال هل نحن مستعدون لدعم متحدى الإعاقة بجدية؟
من واقع القوانين والقرارات الإدارية يمكننا الإجابة بنعم، فقد صدر قانون ذوى الاحتياجات الخاصة ولائحته التنفيذية فى يونيو من العام الحالى 2018، كما أصدرت وزارة التعليم قرارات تفعيل الدمج فى المنظومة التعليمية وحددته بنسبة 10% وبحد أقصى 4 طلاب فى كل فصل بعدد من مدارس مصر بحد أدنى 67% كنسبة ذكاء ونسبة سمع 40 ديسيمبل، كما أتاحت للمكفوفين حق خوض الامتحانات العامة بالوسيلة الأمثل لهم، ووضعت التصور لخطة تطوير مدارس التربية الفكرية من حيث المناهج والبنية التحتية والمدرس المؤهل للتعامل مع تلك الفئة، بالإضافة لعقد بروتوكولات لتدريب المعلمين ورفع كفاءتهم، كما ذكر وزير التعليم فى كلمته، ولكن هل يكفى هذا؟
الإجابة لا، لأن المنظومة ككل بحاجة لتعلم كيفية تسهيل حياة متحدى الإعاقة فى الصحة والعمل والمرور والشوارع والمبانى والخدمات، ولأننا بحاجة إلى حالة من الوعى المجتمعى لكافة المواطنين على اختلاف فئاتهم العمرية بسبل التعامل مع متحدى الإعاقة بكل أشكالها عبر إعلام لا يدرك أهمية دوره فى التوضيح وتربية تؤكد على إنسانية التعامل وتثقيف البشر لحماية هؤلاء المتميزين. فهل سنكمل الدائرة؟ أتمنى لأننا من نحتاج لدعمهم.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع