بقلم - نشوى الحوفى
كانت فكرة عظيمة بكل ما تعنيه الكلمة، جاء التفكير فيها قبل 2011، بمنطق لماذا لا يكون لدينا فى مصر مدارس تبدأ مع الأطفال منذ أولى خطواتهم التعليمية، وتنتهى بهم عند المرحلة الثانوية بمنحهم شهادة ثانوية مصرية، وفقاً للمعايير العالمية عبر التعاون مع هيئة الامتحانات الدولية بجامعة كامبريدج. فكانت مدارس النيل الدولية فى عام 2010 غير الهادفة للربح مع تقديم تعليم متميز بمناهج متطورة وأسلوب تعليمى يبنى شخصية الطالب ويكسبه مهارات القيادة والإبداع والابتكار ويغرس فيه الهوية المصرية، بما يؤهله للالتحاق بالجامعات داخل مصر وخارجها.
كانت فرصة أن تحظى المدارس عند إنشائها برعاية رئيس الوزراء المصرى وقتها أحمد نظيف الذى صدق تلك الرؤية بحق مصر فى امتلاك شهادة مصرية دولية، كالشهادة الأمريكية والإنجليزية، التى تدرس فى مصر بمبالغ طائلة، فتمنح أبناءهم شهادات دولية دون هوية مصرية. لكن جاءت أحداث يناير 2011، لتقضى على تلك الفرصة، حيث باتت النظرة لها على أنها إرث نظام «مبارك» دون أن يضع أحد فى اعتباره أنها فرصة تعليمية مصرية لا تطور التعليم فى مصر وحسب، لكنها فرصة أيضاً لتصدير شهادة مصر الدولية لمحيطنا الإقليمى والأفريقى بشكل يدعم قوة مصر الناعمة. فتراجع وضع المدارس واختطف مدرسوها المدربون على أحدث نظم التعليم العالمى وفق معايير كامبريدج لمدارس اللغات والمدارس الدولية العاملة فى مصر بمرتبات مضاعفة.
حتى كان عام 2014 حينما قرر الرئيس السيسى إحياء تلك المدارس وأسند المهمة مرة أخرى للدكتورة ميرفت الديب أحد أهم أضلاع المشروع منذ بداياته، مع جعل تبعية المدارس لصندوق تطوير التعليم التابع لرئاسة مجلس الوزراء والمنشأ منذ عام 2004 لتطوير قطاع التعليم وربطه بسوق العمل. وهكذا بدأت خطوات إعادة الروح، وأذكر هنا لقائى بالدكتور فاروق الباز والدكتورة ميرفت الديب فى فرع المدارس بمدينة العبور فى 2015 وإشادة الدكتور الباز بمستوى الطلاب والتعليم.
سارت الخطوات بوعى ودأب حتى كان تخريج أول دفعة من مدارس النيل فى عام 2017 واعتراف الجامعات المصرية بتلك الشهادة المصرية الدولية. وكانت كلمات الخريجين يوم الحفل علامة فارقة توحى بقدرتنا على تطوير تعليمنا وفق معايير العالم بروح مصرية واضحة تبرز فى إجادة اللغة العربية واحترام الوعى المصرى. وكان إعلان وزير التعليم يومها فى كلمته عن رغبة الرئيس السيسى فى إنشاء 100 مدرسة جديدة من مدارس النيل، بدلاً من ست فقط فى الوقت الحالى لتوسعة الهدف ومد الأثر لقاعدة أكبر من المصريين. ثم كان مؤخراً صدور تقرير مركز التميز القومى البريطانى للمعلومات «نارك» بمعادلة شهادة النيل المصرية الدولية.
والآن تواجه شهادة النيل واقعها بين فرصة لنجاح وتسويق فى أفريقيا والعالم العربى والمنطقة لتكون إحدى قوى مصر الناعمة فى نشر التعليم وتخريج أجيال تناسب السوق المصرية والعالمية. بينما تواجه أزمة جديدة بإصرار وزارة التربية والتعليم على انتزاع تبعية الشهادة لها والإشراف عليها، بدلاً من صندوق تطوير التعليم دون أن تدرك الوزارة أنها مثقلة بميراثها التعليمى، وأنه ليس شرطاً أن تشرف على الشهادة الدولية كما تفعل العديد من الدول مع شهاداتها الدولية لتترك لها فرصة التطور والمنافسة. فهل نمنح شهادة النيل فرصة؟ أم نتفرّغ لمعارك سيطرة الوزارة عليها بغض النظر عن الهدف؟
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع