5 يونيو، هو اليوم العالمى لحماية البيئة. واختيرت السويد لتستضيف الاحتفالات العالمية هذا العام 2022، تحت شعار: «لا نملك إلا أرضا واحدة».
تعمق اهتمامى بقضايا البيئة، وأنا فى لندن، للحصول على الماجستير، فى التنمية والتخطيط العمرانى، وقررت أن أعد الدكتوراة فى العلوم البيئية، بعد عودتى لمصر.
كان مشرفى د. قدرى حفنى، الأستاذ الرفيع علما وثقافة وخلقا، جامعة عين شمس- معهد الدراسات والبحوث البيئية.
اخترت موضوع «الإيكوفيمينزم» وهو مزيج من «إيكولوجى» علم البيئة، و«فيمينزم» يعنى حركات تحرير المرأة. نعيش فى «عالم واحد»، وفى حضارة واحدة تفرض سطوتها على الجميع.
حضارة طبقية من أجل الأغنياء.. حضارة ذكورية تقهر النساء.. حضارة تدعى التحضر، مازالت تطمع فى التوسعات، وإخفاء الحقائق، تعتمد البطش المسلح، والتدخل العسكرى.
حضارة عالمية تزعم فصل الدين عن الدولة، وهى دينية من الجذور حتى النخاع، لا تخاصم الأصوليات الدينية، بل تنشطها لمصالحها. ولا تحارب الإرهاب الدينى، تقسم الشعوب على أساس دينى، مذهبى، طائفى، طالما يدعم مبادئها.
حضارة التضخم الإعلامى والتكنولوجى المضلل، والتناقضات والازدواجيات الأخلاقية والثقافية الصاخبة، المغلفة بمسميات برّاقة.
حضارة سببت للرجال «الصلع» المبكر و«الكفن المبكر». وأصابت النساء بهوس «الطاعة»، وهوس «التجميل»، وفوبيا «العنوسة».
حضارة أمراض وفيروسات مستحدثة، واختلالات فى نفوسنا، وأجسادنا، هى نتيجة احتجاج الطبيعة، وغضب البيئة، وانتقام الأرض ضد منْ ينتهك سلامتها وتوازنها. حضارة الثلاجات الممتلئة، والنفوس الفارغة. حضارة المنشطات الجنسية، والعواطف اليائسة. حضارة تبنى ناطحات السحاب، وتهدم شموخ الإنسان. تقتل الآلاف بمهارة، وفشلت فى إسعاد شخص واحد، سعادة إنسانية حقيقية دائمة. حضارة تشترى لاعب كرة القدم بمليارات الدولارات، وتدفع أرقاما خيالية لنجوم الإعلام والسينما، بينما يموت الملايين، فى كل مكان، من سوء التغذية وقلة الدواء، وتدهور البيئة.
الآن، العالم يستهلك ويمتلك ويكتشف ويعرف أكثر. لكنه أكثر قسوة وتعاسة.
أى فلسفة تحكم الاستهلاك والتملك والاكتشاف والمعرفة؟. هذه هى القضية.
نحتاج وعيا عالميا بيئيا جديدا، يتجاوز الحواجز الجغرافية والسياسية، من أجل «أخلاق عالمية جديدة» تنقلنا من حضارة ديكتاتورية، واستبداد النسق «الهرمى» إلى حضارة ديمقراطية وعدالة النسق «الدائرى».
وقد صنعت حركات «الإيكوفيمينزم »، العالمية، إضافتها الجديدة، ألخصها كالتالى:
1- العلاقة العضوية الوثيقة بين حركات تحرير المرأة، وحركات حماية البيئة والطبيعة، وحركات تحرير الشعوب المقهورة. إن تحرير النساء، وتحرير البيئة، وتحرير الشعوب «نضال» واحد مترابط.
2- الانتهاكات للطبيعة، وللبيئة، من إفراز الحضارة «الذكورية»، المستغِلة للنساء والأرض والموار الطبيعية والبيئية. تلك الحضارة لم تنتج، طوال تاريخها، إلا الموت والدمار والحروب والجرائم والتفرقة.
والمرأة بحكم ارتباطها العضوى بالأطفال تكون أكثر حرصا على ضمان البيئة الصالحة الآمنة المتكاملة لضمان حاضرهم ومستقبلهم، فالطبيعة، والموارد البيئية، تعتبر تماما مثل المرأة «أنثى» حاضرة، وجاهزة للاغتصاب، و«جسدا» متاحا «للتحرش» و«الاستباحة» و«العنف».
3 - كل أشكال التفرقة مترابطة. ولذلك، فإن تغيير مقولة إن الإنسان- ويقصد به الرجل- «سيد الطبيعة»، مرتبط بتغيير أن الرجل «سيد المرأة»، مرتبط بتغيير مقولة إن الإنسان أبيض البشرة «سيد الإنسان أسود البشرة»، مرتبط بتغيير مقولة إن الغنى «سيد الفقير»، مرتبط بمقولة إن دول الشمال «سيدة دول الجنوب».
4- الفقر، والقهر، والظلم من «ملوثات» البيئة، وهى لا تقل خطورة عن ملوثات البيئة المادية، مثل قطع الأشجار، فالفقر «يلوث» كرامة الإنسان، والظلم «يقطع» إنسانيته، والقهر «يدمر» حياته.
5 - عدم الفصل بين «العام» و«الخاص»، بين «العالمى» و«المحلى».
إن وباء كورونا ليس أخطر على البشرية من أوبئة الفقر المهلك، وفيروسات القهر المتحورة، وأمراض التملك والسيطرة، وعبادة الفلوس، والوصايا الدينية. وليس حرق الغابات أكثر خطورة من حرق الدم بغياب العدالة والحرية.
ختامه شِعر
--------------
يكفينى فخرا
أنى ما بعت كرامتى
فى المزادات
ما انحنيت يوما
لتعلو القصائد والكلمات
لا يستهوينى المديح والشُهرة
لا تغرينى المناصب والشهوات
يكفينى فخرا
أنى أنام كل مساء
وباب شقتى غير موصد بالأقفال
ما هرولت وراء رجل
وحدتى دوائى
وروحى خفيفة
لا تحمل الأثقال