توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

استعادة دم الفروسية المنقرض

  مصر اليوم -

استعادة دم الفروسية المنقرض

بقلم - مني حلمي

لا أعتقد، أننى واهمة، أو مبالغة، لو قلت إن مجتمعاتنا على عتبة«قفزة» حضارية. كلنا ننتظر «قفزة»، تغير من عقولنا، وعواطفنا، وشكل، ومعنَى الحياة من حولنا.

كلنا، على اختلافنا، وأيًّا كانت مواقعنا، نشتاق إلى أن «نقفز» فوق أى حاجز. لا يهم عدد الحواجز . مجرد حاجز واحد، يمكنه أن يُدخل الهواء النقيَّ، إلى صدورنا، ويعيد ثقتنا بأنفسنا. حاجز واحد، فقط، يمكنه أن يُحقن، شريان الحياة، بقطرة من دم الفروسية المنقرض. لا يهم أى حاجز، نقفز، وأين يكون ذلك الحاجز، ومدَى ارتفاعه . المهم، أن تحدث «القفزة» ذاتها . مَنْ «يقفز» مَرَّة، يمكنه أن «يقفز» مَرَّة ثانية . ومَنْ يقفز، مَرَّة ثانية، يستطيع أن «يقفز» مَرَّة ثالثة . الفكرة كلها، هى أن تتولد إرادة «القفز»، التى تُفجر «الجرأة» الضرورية لجميع القفزات.
تحتاج مجتمعاتنا، خصوصًا الآن، إلى «تنويعات» متعددة على لحن الجرأة. و«الجرأة» الضرورية لإحداث القفزات، هى القدرة على كسر الخوف. «القفزة» الفكرية، أو «القفزة» العاطفية، أو «القفزة» الحضارية، كلها لا تبدأ، ولا تنطلق، إلا بمواجهة المخاوف، كانت المخاوف، لاتزال، وسوف تظل، هى العدو الأكثر شراسة، للإنسان.
تاريخ الشعوب، هو تاريخ المخاوف المهزومة. نستطيع أن نتابع، التقدم فى حياة النساء، والرجال، بمتابعة المخاوف التى استطاعوا تبديدها.

وفى مجتمعاتنا، يحتل «الخوف»، مكانًا كبيرًا، على خريطة وجودنا، وأحلامنا، وحركتنا، ولهذا السبب، فإن وجودنا متعثر، وأحلامنا مُجهَضة، وحركتنا مُكبَّلة.
نخاف من المجهول.. ومن المعلوم.. نخاف المغامرة.. نخاف المخاطرة.. نخاف الجديد.. نخاف نفرح.. نخاف نضحك.. نخاف الوحدة.. نخاف الزمن.. نخاف أن نُحب، وأن نَعشق.. نخاف الله.. نخاف من الفشل.. نخاف الاختلاف.... نخاف من رواية تكشف علاقاتنا المزيفة.. نخاف من قصيدة تفضح أخلاقنا الهشة.. نخاف من امرأة لا تغطى شَعرها .. نخاف من رجل لا يُسبح بحمد الدولة الذكورية.. نخاف من طفلة لا تسمع الكلام.. نخاف من طفل لا يريد ختم القرآن وهو فى سِنِّ السابعة.. نخاف الاختلاف عن الأنمطة السائدة... نخاف الاتهام بالكفر.. ونخاف كلام الناس.
وعند «الخوف من كلام الناس»، أريد التوقف. ربما أفهم، لماذا يخاف الناس، من المغامرة، ومن الوحدة، ومن الزمن، ولكننى لا أفهم، كيف يكون «كلام الناس»، أهم من كلام العقل أو كلام المنطق؟. لماذا وكيف يكون «كلام الناس» مانعًا لأخذ القرار السليم، أو السلوك العادل، أو القول الحق، أو حتى مجرد الحلم بالتغيير؟.
لماذا يهمنا «كلام الناس»، ولا يهمنا تحقيق رغباتنا؟. لماذا نعطى «كلام الناس» أولوية، على راحتنا، وسعادتنا، وصدقنا، وحريتنا؟. لماذا، وكيف، تأتينا القُدرة، على إسكات ضمائرنا، ولا تأتينا القُدرة على إسكات «كلام الناس»؟. والبعض يبالى بعقاب الناس، أكثر بكثير، مما يبالى بـ عقاب الله؟.
لماذا، وكيف تؤرقنا «نظرة الناس» لنا، ولا تؤرقنا نظرتنا إلى أنفسنا؟. لماذا، وكيف، يشغلنا، احترام الناس لنا، ولا يشغلنا احترامنا لأنفسنا؟. يسعدنا «جدًّا» رضاء الناس، علينا. ولا يسعدنا أن نُرضى أنفسنا ؟. «مقاييس الناس»، نمشى وراءها بالحَرْف الواحد. أمَّا المقاييس، التى نُحبها، فندوسها دون أدنَى مبالاة.
«صوت الناس» نُرهف السَّمع له، نُغنيه، ونطرب لأنغامه. و«صوتنا» نُخرسه، ونكتم على أنفاسه.
كم من أفكار يجب الإيمان بها، لكننا نحاربها، خوفًا من كلام الناس. كم من القصائد الجريئة، والأفلام المقتحمة، والروايات المتجاوزة، ترقد حبيسة النفوس، خوفًا من كلام الناس. كم من علاقات الحب، ماتت قبل أن تولد، خوفًا من كلام الناس. كم من النساء، يرغبن فى تغيير حياتهن، لكنهن مستسلمات للإحباط، والخضوع، والتعاسة، خوفًا من كلام الناس. كم من الرجال، يشتاقون إلى كسر روتين الحياة، والانطلاق إلى آفاق جديدة، ولا يفعلون، خوفًا من كلام الناس. كم من «الفرح» ينقصنا، لأننا نخاف كلام الناس. كم من «الكرامة»، نصدها، لأننا نخاف كلام الناس.
المخاوف ليست إلا أوهامًا، ومجموعة من الأكاذيب. وليس عيبًا أن نخاف.
 لكن العيب فى استسلامنا لها.
من واحة أشعاري:
نشرت خبرًا فى جميع الجرائد يقول:
«أبحث عن وطن ليس فيه ميكروفون
لا يزيد تعداده عن 3 مليون
أريد وطنًا الدين فيه ليس كالأفيون
لا يقطع الأفلام بالصلوات وإعلانات الصابون
أريد وطنًا يجيد التحدث بلغة العيون
تخلص نهائيًّا من عبادة الإله الفرعون
يطعمنا خيراته ومهما ابتعدنا إليه راجعون».


نقلا عن  مجله روزاليوسف القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استعادة دم الفروسية المنقرض استعادة دم الفروسية المنقرض



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon