توقيت القاهرة المحلي 22:28:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عدالة المقاييس الأخلاقية هى شرط استقامة الأخلاق

  مصر اليوم -

عدالة المقاييس الأخلاقية هى شرط استقامة الأخلاق

بقلم - مني حلمي

طالعتنا وسائل الإعلام باهتمام شديد، تشاركت فيه تعليقات وسائل التواصل الاجتماعى، والقنوات المنتشرة على «يوتيوب»، بتقرير الطب الشرعى فى مقتل الطالبة نيرة أشرف، والذى يؤكد عذريتها، وسلامة غشاء البكارة من أى انتهاك قديم أو حديث.

وأنا لا أدرى ما علاقة تعرض الطالبة للذبح فى الشارع علنًا فى وسط النهار بعذريتها أو عدم عذريتها، بسلامة غشاء البكارة أو عدم سلامته. لنفترض أنها لم تكن عذراء، وأن غشاء البكارة قد تمزق، هل هذا مثلًا يُحولها من مجنِىّ عليها إلى جانية؟؟. هل يجعلها تستحق الذبح فى الشارع علنًا فى وسط النهار؟؟. هل هذا يبرئ القاتل أو يستدر العطف عليه لكى يفعل ما فعله من تهديدات أو ملاحقات أو عنف انتهى بالذبح، وقد علم أو حتى خالجه الشك فى استقامتها؟؟. أهو وصِىٌّ عليها، وعلى أفعالها؟؟. أهو يملك جسمها؟؟؟.

والسؤال المنطقى هنا: هل يمكن أن تكون سلامة غشاء البكارة أو العذرية مقياسًا لشرف الفتاة أو المرأة، وهناك «بزنس» فى السوق مُرْبِح للطبيبات والأطباء، اسمه «ترقيع غشاء البكارة» أو «جراحات إعادة العذرية»؟؟.

تحت اسم الفضيلة المزيفة، وإتاحة الستر، وتجنب الفضائح، تلجأ الفتاة المغتصَبة ضحية الاعتداء الجنسى إلى مثل هذا الترقيع، وتتحمل العبث بجسدها مرة أخرى.

رغم كل التحديات المحلية والإقليمية والعالمية التى تحاصرنا، فإن مجتمعاتنا مؤرَّقة فى نهارها وليلها بالكلام حول «شرف البنت» و«عذرية الفتاة»، ومنشغلة على مر عصورها بالمراقبة الأخلاقية والاجتماعية والثقافية والدينية، ماذا تفعل المرأة بجسدها، والحكم عليه وإنزال العقاب به فورًا، دون هوادة.

الكل متربص بشرف المرأة، فالتقاعس عن ذلك يُعتبر من الخيانة المنبوذة، فشرف البنت أو شرف المرأة فى عرف المجتمع الذكورى هو شرف الأسرة، وبما أن الأسرة هى نواة المجتمع الأولى، يكون «شرف» المرأة هو شرف المجتمع الذكورى كله بالضرورة، والكل «طواعية»، مدفوعًا بالرجولة والشرف، يدخل فى «المزايدات» حول جسد المرأة وعذرية المرأة، التى تعكس ثقافته ومصالحه ومزاجه وفكرته عن الشرف والأخلاق وعفة الجسد. وانتهاك شرف المرأة المحصور فى العذرية، المرادف لشرف الرجل، والدالّ أيضًا عليه، فورًا يستحل أقصى أنواع العقاب والعنف، التى تصل إلى القتل والذبح.

لا نسمع أبدًا مصطلح «شرف الرجل»، أليس هذا غريبًا؟؟.

الكل يقول كلمته حول جسد المرأة وشرفها إلا المرأة نفسها، صاحبة الجسد، ومالكة الجسد.

إن «إعادة العذرية» بالخياطة وعمل غرز ليست فقط جريمة «طبية»، ولكنها فى المقام الأول جريمة «أخلاقية» و«إنسانية» فى حق الفتاة المُغتصَبة.

ألَا يكفى أن الفتاة قد تعرضت لاعتداء جنسى، قد يصيبها بعقد جنسية ونفسية، لا حل لها؟.

إن الاغتصاب اعتداء من فرد عليها. لكن «إعادة العذرية» بالخياطة والغرز والترقيع اعتداء من ثقافة بأسرها، تختصر المرأة إلى «جسد» هى لا تملكه، ولا تختار مصيره. ثم تختصر الجسد إلى جزء صغير جدًّا، تولد به، وقد لا تولد به.

إن شرف البنت أو شرف المرأة ليس غشاء البكارة والعذرية. إن الشرف، حتى يكون حقًّا «شرفًا» أو فضيلة أو أخلاقًا نبيلة، لا بد أن تُطبق معاييره على جميع البشر، دون تفرقة بين رجل وامرأة، بين غنى وفقير، بين أبيض وأسود. معايير واحدة لكل الأديان والملل والمذاهب والعقائد والأفكار. شرف الإنسان لا بد أن يكون واحدًا، ولا بد أن يكون مرتبطًا بالنصف الأعلى من الجسد، أى بالعقل والتفكير، فالعقل هو الذى يعطى الأوامر للجسد، والتفكير هو الذى يميز بين الأدب وانعدام الأدب.

شرف الإنسان «رجلًا أو امرأة» هو قدرته على الاستقلال الاقتصادى والنفسى، هو القدرة على مواجهة العالم بما نؤمن به ونفعله، وليس إخفاءه تحت اسم «الخوف من التقاليد»، أو «إعادة العذرية»، أو «ديكور الأخلاق المزيف». الشرف هو القدرة على السباحة ضد التيار، ودفع ثمن اختلافنا، وهو قدرتنا على أن نكون مسؤولين عن أنفسنا مسؤولية كاملة غير منقوصة، تحت أى مسمى.

إن شرف المرأة هو فى عقلها وشخصيتها وفلسفتها لتغيير ذاتها من كيان تابع مقهور إلى كيان حر مستقل. شرف المرأة هو رؤيتها النقدية لمجتمعها لتغييره إلى الأشجع والأعدل والأجمل والأصدق.

شرف المرأة مثل شرف الرجل بالضبط، أن يتحرر كلاهما من الوصاية بكل أشكالها، ومن رغبته فى أن يكون مستغِلًّا لأحد، أو مستغَلًّا من أحد. وكل رجل مسؤول عن شرفه، النابع من أفعاله هو شخصيًّا، وليس من أفعال إناث أسرته أو عائلته.

إن مفهوم مجتمعاتنا عن «الشرف» عنصرى مخجل ومضحك ومحزن وغير عادل فى آن واحد.

إن الشرف- وهذه بديهية أخلاقية، ومن مسلمات المنطق السوِىّ- يبدأ وينتهى بعدم التمييز بين البشر. عدالة المقاييس الأخلاقية هى المعيار الوحيد الحقيقى لمنع كل أشكال ودرجات الفساد الأخلاقى، وإنهاء ارتكاب الجرائم البشعة باسم الشرف الذكورى، وتوقف سلسلة العنف الوحشى المتكرر ضد الفتيات والنساء.

■ ■ ■

ختامه شِعر

رجمونى بإدانات الفسق والفجور

لأننى أرفض الوصاية

على العقول والقلوب

واختصار أخلاق النساء

والشرف الغالى للذكور

فى ترقيع غشاء البكارة

قاطَعونى.. نبذونى

حجبوا اسمى وصورتى

لأننى لا ألبس طرحة

لا أخلع كرامتى

سافرة كالشمس والموت

قصيدتى ثروتى وثورتى

ونِعم البشارة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عدالة المقاييس الأخلاقية هى شرط استقامة الأخلاق عدالة المقاييس الأخلاقية هى شرط استقامة الأخلاق



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon