بقلم: وائل لطفى
الإقبال الكبير على التبرع لمعهد الأورام دليل على وطنية من أقدموا على التبرع.. هذه حقيقة مؤكدة.. لكن هذا الإقبال يفتح الباب للسؤال.. هل يستحق معهد الأورام التبرع فى حد ذاته.. أم لأن الظروف شاءت أن يكون مبناه ونزلاؤه ضحية لحادث إرهابى جبان وخسيس؟.. الحقيقة أن التبرع جاء بسبب الحادث الذى وقع فى محيط المعهد وبسبب رغبة الجميع فى أن يعود المعهد أفضل مما كان وفى وقت قياسى.. إن الرسالة التى أرادت الدولة إرسالها ومن خلفها المتبرعون أن الإرهاب لن يؤثر فى مجرى الحياة فى مصر ولو بأقل قدر.. ما حدث من تبرع أمر رائع.. لكنه يصلح مناسبة لأن نقول إن التبرع لمعهد الأورام كان فريضة غائبة عن المجتمع.. وإننا يجب أن نتبرع لهذا الصرح سواء وقع الحادث أم لم يقع.. ذلك أننا إزاء منشأة تعليمية توفر العلاج بالمجان لأهل مصر من البسطاء والذين لا يستطيعون تحمل كلفة العلاج الاستثمارى الباهظ كما يفعل أبناء الطبقة الموسرة.. وبسبب نقص الإمكانيات فإن معاناة المرضى تزيد ومدة العلاج تزيد.. المؤسف جداً أن هذا الصرح التعليمى لا يحصد أى نسبة من التبرعات بالمقارنة بمستشفى آخر هو ٥٧٥٧ الذى يعتمد على الإنفاق الإعلانى الكثيف وحملات العلاقات العامة وتجنيد المشاهير للدعاية من أجله.. والمعنى هنا أن تبرعات المصريين تذهب للأكثر استخداماً لآليات السوق وللأضواء وللبروباجندا وليس للأكثر أحقية بالمساعدة، ما يسرى على معهد الأورام يسرى على صروح طبية مهمة تتبع أيضاً جامعات مصر المختلفة وتعالج البسطاء ولا تسعفها الإمكانات، يسرى بكل تأكيد على مستشفى قصر العينى وعلى معهد القلب وعلى مستشفى أبوالريش لعلاج الأطفال، والأهم أنه يسرى على عدد كبير من مستشفيات وزارة الصحة التى تقدم العلاج بالمجان ولا تسعفها الإمكانات.. هذه المستشفيات تعالج أهلنا من البسطاء ولكل منها قصة مليئة بالتفاصيل عن نقص الإمكانات والفارق بين الإمكانات والاحتياجات.. المطلوب أن نستغل موجة الحماس لدعم معهد الأورام ونحولها إلى موجة دائمة.. المطلوب أن يتنافس الأثرياء ونجوم المجتمع عندنا فى الخير.. مطلوب لكل صرح من هذه الصروح مجلس أمناء يضم مجموعة من رجال الأعمال ونجوم الفن والمجتمع يحملون على عاتقهم تطويره وجمع التبرعات له لنجد أن مجلس أمناء قصر العينى ينافس مجلس أمناء أبوالريش، وأن كليهما ينافس مجلس أمناء معهد القلب والدمرداش.. والأهم من هذا أن نغير من ثقافة التبرع وأن ندرك أن الصدقات ليست حكراً على بناء المساجد والمعاهد الدينية فقط وأن إعمار المستشفيات والمدارس والمشروعات الخدمية هو خير أنواع الصدقة.. وإن لم يزد فهو لا يقل عن المصارف الأخرى.. علينا فقط أن نبدأ، ورب ضارة نافعة.