بقلم - وائل لطفى
فى لقائه الأخير بالصحفيين تحدث الرئيس موجهاً لوماً خفياً وخفيفاً للصحف ووسائل الإعلام، قال الرئيس ما معناه أن الإعلام لا يقوم بدوره فى نشر الوعى بالقضايا القومية الكبرى، ضرب الرئيس مثلاً بقضية الزيادة السكانية.
صراحة الرئيس مع الصحفيين تستحق التحية، لكن صياغة الوعى الحقيقى وغير المزيف مهمة كبيرة، تستدعى الشجاعة والقدرة على تحدى ما هو راسخ، ومتخلف، ومغرض أيضاً.
ولنضرب مثلاً بقضية مثل الزيادة السكانية، ولنقل إن خلق وعى حقيقى بها يستدعى شجاعة لم تتوافر للكثيرين، لذلك اكتفينا جميعاً بأن ندور حول الموضوع، وأن نعالجه بأكثر الطرق سطحية، وما دمنا نفعل هذا فستجىء الكتابات فى القضية أشبه بمنشورات التوعية، وبالإرشادات التى تُكتب على ظهور الكراسات فى مدارسنا القديمة.. إلا إذا تكلمنا بصراحة..
هل تريد أن تعرف السبب الرئيسى للزيادة السكانية فى مصر؟ السبب هو اللوثة السلفية التى التاثت بها عقول الناس فى هذا البلد منذ سنوات طويلة، السبب هو الفقه غير المصرى الذى وجد له رسلاً ومندوبين بعدد شعر الرأس فى كل مكان فى مصر.
السبب هو أننا لا نمتلك الشجاعة الكافية لنقول إننا أعلم بأمور دنيانا، وإن كل الأسانيد التى قدمها الإخوان والسلفيون لتحريم تنظيم الأسرة هى فتاوى باطلة وكاذبة.
السبب أننا لم نخلق وعياً جديداً للناس بالعلاقة بين الدين والدنيا، السبب أننا لم نجدد الخطاب الدينى، ولا الفكر الدينى، ولم نجدد أى شىء غير حديثنا فى الموضوع نفسه.
لم نقل للناس إنه إذا كانت هناك أحاديث وآيات تحض المسلمين على التكاثر فهى تخص ظروف المسلمين وقتها حيث كانوا أقلية تسعى للسيطرة من خلال زيادة العدد.
لم نقل للناس منذ السبعينات وحتى الآن إنه إذا كانت هناك دول نفطية تعانى من قلة العدد ووفرة الموارد وتدعو مواطنيها للتكاثر فإن الأمر يخصها ولا يخصنا وإن ما ينفعها لا ينفعنا.
السبب أننا منذ الثمانينات نسمع شيخ الأزهر يحض الناس على تنظيم الأسرة فى برنامج مدته خمس دقائق اسمه «حديث الروح»، بينما تركنا السلفيين والإخوان يحاصرون الناس فى المسجد والمدرسة والمستوصف ثم فى الكاسيت والقنوات الفضائية ويقنعونهم بعكس ما يقول الأزهر.
السبب أننا فى لحظة ضعف كبيرة تركنا الطائفية تتحكم فى عقول البسطاء فى هذا البلد وتقول لهم إن المسلمين عليهم أن يتكاثروا بلا حساب لأن هناك مخططاً طائفياً لزيادة عدد المسيحيين حتى يصبحوا أغلبية!
السبب أننا لم نقل للناس إن زيادة النسل هى السلاح الصامت الذى يمكن لأعداء هذا البلد أن يحاربوه به مستندين لترسانة من الآيات والأحاديث التى لم تعد بنت هذا الزمان.
السبب أننا ما زلنا نخوض المعركة على طريقة (حسنين ومحمدين) فى حين أن المعركة معركة وعى.. يحتاج تغييره إلى شجاعة ومغامرة واصطدام بالواقع الذى نريد تغييره.. وبدون ذلك سنظل نحرث فى البحر.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع