بقلم - محمد أمين
لا أستسيغ حالة الهرولة من رؤساء أحزاب مغمورة للترشح للرئاسة فى اليوم الأخير.. فمن قال لكم إنها حل؟.. ومن قال لكم إن نزولكم يفك ألغازاً كثيرة؟.. فالمشكلة ليست فى هؤلاء المرشحين.. المأساة أن هناك من يقتنع أنهم حل، وأنهم بديل لحالة «الترشح الانفرادى».. المأساة الأكبر أنهم أوجدوا لهم التوكيلات وتزكيات النواب أيضاً.. وأتحدى أن يعرف أى منهم من «زكّوه» فى البرلمان!.
والحقيقة المرّة أنهم لم «يزكوه» أبداً ولكنهم «زقوه» للترشح.. وهنا رأيناه ينزل فى الوقت بدل الضايع قبل صفارة الحكم.. ثم نسمع أن الوطن يحتاجهم، وأنهم يمكن أن ينافسوا بقوة.. فما هذا أيها الترزى القديم جداً؟.. كيف صورت لكم أنفسكم هذا العبث بالبلاد؟.. وكيف ضيعتم من قبل أسماء كبرى لها احترامها، ثم رحتم تبحثون فى دفاتركم القديمة؟، وكيف تظهر مصر بهذا الشكل «العبيط»؟!.
وللأسف لم يصمد الذين قالوا إن مصر ليست أعجوبة فى «الترشح الانفرادى».. لم يتمسكوا بما قالوا إن بلاداً ديمقراطية سبقتنا، وعددوا الأسماء من أول جورج واشنطن إلى شارل ديجول ومانديلا وصولاً إلى الحبيب بورقيبة وياسر عرفات، لأنهم يقتنعون أن الحالة مختلفة.. ولأنهم يتصورون خطأ أن الخطاب للداخل.. وعالجوا المأساة بمأساة أكبر.. والآن ينافس السيسى موسى!.
«يا ريتها كانت قرديحى».. ويا ريتها كانت بلا منافسين من عينة موسى والفضالى.. هل هذه هى المفاجآت التى أعلن عنها إعلام الغبرة؟.. هل هم يصدقون أنفسهم؟.. هل الفضالى بديل للفريق شفيق؟.. هل موسى بديل للفريق عنان؟.. هل هم بدلاء للسيد البدوى؟.. الحقيقة شىء مؤسف ومضحك ومثير للسخرية عالمياً وإقليمياً.. هذه المسخرة فى رقبة من أعطاهم التعليمات، ووفر لهم التوكيلات!.
قطعاً هذه تعليمات أمنية صريحة، وطبعاً هذا التطوع إجبارى وليس بالاختيار.. ولا يعكس رغبة شعبية ولا حزبية، ولا قدرة على المنافسة أصلاً.. ولو وقف أى منهم على «مادنة» لن يحصل على تزكية نائب واحد.. أتذكر مشهد أبوالعلا فى فيلم الزوجة الثانية، شيخ البلد يحاول إقناعه وأبوالعلا يرفض.. لفق له العمدة تهمة قتل.. قال أنا برىء، قال الشيخ: والنبى لو وقفت على مادنة ماحد هيصدقك!.
فهل تقنعنى أن موسى حصل على 48 ألف توكيل فى ليلة؟.. وهل تقنعنى أنه حصل على تزكية 26 نائباً كما قال؟.. والأنكى أنه حين سئل قال: إنهم «مجموعة من الأصدقاء والمعارف القدامى».. من هم؟.. هل من حقنا أن نعرف من هم؟.. هل الهيئة الوطنية يجب أن تعلن هذه الأسماء للناخبين؟.. هل العملية سرية؟.. إلى أى تيار ينتمى هؤلاء النواب؟.. هل نواب 25/30 رشحوا موسى للانتخابات الرئاسية؟!.
فما هكذا تُورد الإبل أيها «العباقرة»؟.. السياسة لها ناسها.. الهواة يمتنعون.. فالانتخابات لها مقاييس أخرى.. ولا يملأ فراغها «أراجوزات» كما قال أحد المرشحين بنفسه.. تحاولون إقناع العالم بالديمقراطية، فأعطيتم له مادة ثرية للسخرية.. مصر أكبر من هؤلاء.. مصر فيها رجال ابتعدوا، ورجال أبعدوا بالأمر!.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية