توقيت القاهرة المحلي 11:15:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نساء «داعش»... بين الترويج والتوعية

  مصر اليوم -

نساء «داعش» بين الترويج والتوعية

بقلم : مينا العريبي

خلال الأيام الماضية، انشغل الإعلام الغربي برواية شميمة باغوم، البريطانية التي هربت من منزل أهلها لتلتحق بمقاتلي تنظيم داعش الإرهابي في سوريا قبل 4 أعوام. كان عمر شميمة حينها 15 عاماً، تباهت بالانضمام إلى مجموعة من القتلى الذين ارتكبوا جرائم شنيعة على الأراضي العراقية والسورية وغيرها. اشتهرت قصتها حينها وأصبحت «مثالاً» لأخريات يرغبن في الالتحاق برجال أبو بكر البغدادي. ولكن الأمور تغيرت مع تغيير مسار المعارك ضد «داعش». اليوم، تطالب شميمة بـ«المغفرة» والسماح لها بالعودة إلى المملكة المتحدة، مع ابنها الذي ولدته في مخيم لعائلات مقاتلي «داعش»، الذين إما قُتلوا أو أُلقي القبض عليهم.
من المثير اهتمام الإعلام الغربي بقصة شميمة ومناداة بعض وسائل الإعلام لها بتعبير «عروس داعش»، كأن قصتها قصة رومانسية فيها بعض المغامرة، مما ساهم في الترويج لها بطريقة غير مباشرة. الواقع هو أن شميمة ومثيلاها التحقن بتنظيم إرهابي وكنّ على وعي كامل بجرائم التنظيم. في مقابلات مع قناتَي «سكاي نيوز» وهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» هذا الأسبوع، ناشدت شميمة مسؤولين بريطانيين السماح لها بالعودة إلى المملكة المتحدة. قالت شميمة إنها «عانت الكثير»، مما يستوجب التعاطف معها حسب تعبيرها، في تصريح مثير للسخرية. لكن هذا التعاطف شبه مستحيل، بعد أن كانت تناصر تعذيب النساء العراقيات والسوريات وغيرهن على أيدي «داعش».
شميمة ليست وحدها، فهناك المئات من النساء والأطفال الذين يبقى مصيرهم معلقاً بينما يتلاشى «داعش» ويفقد السيطرة على آخر الأراضي التي استولى عليها في سوريا. ولكن هناك مجموعة من النساء اللواتي يحملن جنسيات غربية يتوقعن حصولهن على حقوق مواطني الدول الغربية التي لطالما «أنقذت» مواطنيها عندما يقعون في ورطة وهم في الخارج. ولكن بعد أن اعتبرن تلك الدول «دول كفار»، كيف يتوقعن من حكومات تلك الدول الاهتمام بأمرهن؟ إنها نفس العقلية التي أدت إلى انضمامهن لـ«داعش»، غرور ممزوج بسذاجة بأن لديهن حقوقاً خاصة.
وهذا الدليل واضح على هدى مثنى، الأميركية الوحيدة في مخيم يحتض 1500 امرأة وطفل في سوريا، التي أجرت حواراً مع صحيفة «الغارديان» البريطانية. هدى عمرها 24 عاماً، تزوجت ثلاث مرات منذ انضمامها إلى «داعش» عام 2014. ولديها ولد عمره 18 شهراً. بعد أن كانت هدى تروج عبر وسائل التواصل الاجتماعي للقتل الجماعي وتبني أفكار «داعش»، تقول اليوم إنها «نادمة» على ما حدث وتريد العودة إلى الولايات المتحدة. ليس لأحد أن يقرر ما في نفوس أناس مثل شميمة وهدى، ولكن من الصعب التصديق أن الندم الذي تعبّران عنه اليوم لم يأتِ سوى نتيجة لخسارة «داعش» المعركة.
لم يتضح بعد كيف ستتعامل بريطانيا مع شميمة ولكن على الحكومة البريطانية أن تخطو بحذر. فيجب أن يكون العقاب شديداً على من يروج للإرهاب ومن يعلن التخلي عن بلده وقيمها. ولكن في الوقت نفسه، لا يمكن عدم الانتباه إلى هذه القضايا. بعد سنوات قليلة، ممكن أن يصبح أبناء هؤلاء النساء جنوداً في صفوف تنظيم إرهابي آخر.
ليس من العدل تصوير هؤلاء النساء على أنهن ضحايا. ولكن في الواقع، تسجيل ما حدث لهن وحديثهن عن أخطائهن أمر مهم عسى أن تتعظ به أخريات من الالتحاق بمجموعات إرهابية مثل «داعش». فالمعركة ليست فقط معركة قتالية على الأرض، بل هي أيضاً معركة فكرية خاصة مع فئة معينة من الشباب الذين ينظرون إلى التنظيمات الإرهابية كأنها وجهة للتحرر من القيود المجتمعية. تسجيل ندم شميمة وهدى وأخريات مهم ليتعظ آخرون.
وفي الوقت نفسه، لا يمكن إلا التعاطف مع طفل شميمة الرضيع، فلا حول ولا قوة له ولآخرين وُلدوا من آباء وأمهات في صفوف «داعش». ويجب ألا نتجاهل المسؤولية الأخلاقية تجاه أي طفل، فلا أحد يستطيع تحديد أبويه. ولكن في الوقت نفسه، أطفال «داعش» ليسوا أهمّ من آلاف الأيتام في العراق وسوريا الذين خلّفتهم الحروب، ويتّمهم مقاتلو «داعش» وأمثالهم. ويجب العمل بشكل جدي لحماية الأيتام بغض النظر عمن يكون آباؤهم.
قضية المقاتلين الأجانب فيها جانب سياسي مهمّ بالنسبة إلى الدول التي عانت من إرهاب «داعش». على سبيل المثال، العراق يصر على محاكمة مَن أجرم على أراضيه في المحاكم العراقية، بينما هناك دول مثل فرنسا، تفضل أن يبقى المقاتلون الذين يحملون جنسية فرنسية في العراق وسوريا. ولكن من اللافت أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب بدأ يطالب حلفاءه الأوروبيين بقبول عودة مواطنين أوروبيين كانوا قد انضموا إلى «داعش». وفي إحدى تغريداته النارية، قال ترمب: «الولايات المتحدة تطالب بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا وحلفاء أوروبيين آخرين بإعادة أكثر من 800 مقاتل من (داعش) ألقينا القبض عليهم في سوريا، ليمْثلوا للمحاكمة»، مضيفاً أنه في حال رفض الأوروبيين ذلك «فالبديل ليس جيداً، إذ سنضطر إلى إطلاقهم». ولم يفلح التحالف الدولي ضد «داعش» في الخروج بسياسة موحدة ومتفق عليها للتعامل مع مقاتلي «داعش» وأسرهم.
وتأتي القصص عن نساء «داعش» في وقت تتسارع فيه الأخبار عن اقتراب موعد تحرير الأراضي السورية كافة من مقاتلي «داعش» بعدما تحررت الأراضي العراقية. هذا فصل مهم في حرب هزيمة «داعش» ولكنه ليس الفصل الأخير. قيادات «داعش» ما زالت طليقة، والأسباب التي أدت إلى نهوض «داعش»، مثل الانفلات الأمني وبقاء مساحات كبيرة من دون حوكمة حقيقية ورعاية لسكانها، كلها تنذر بموجة جديدة من العمل الإرهابي.
ومن أجل إنجاح الحرب ضد «داعش»، من الضروري اتخاذ خطوات قانونية ضد رجال ونساء التنظيم. العودة إلى القضاء والعدل، بدلاً من القتال المفرط، تعني محاربة فكر «داعش» بالقانون الدولي. الحل الأمثل يكمن في إقامة محاكمة دولية تحاكم المقاتلين في صفوف «داعش»، بالإضافة إلى محاكمة كل من سهّل أمر انتقال هؤلاء المقاتلين الأجانب إلى سوريا والعراق. كما أن كل من موَّل ودعم «داعش» يجب أن ينال أشد العقاب، بما في ذلك كل من روّج له... وإلا قد يفكر هؤلاء في فتح جبهة جديدة لإحياء التنظيم الإرهابي.

 

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نساء «داعش» بين الترويج والتوعية نساء «داعش» بين الترويج والتوعية



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon