توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إنه موسم الانتخابات

  مصر اليوم -

إنه موسم الانتخابات

بقلم : مينا العريبي

 دخلنا موسم الانتخابات في المنطقة، من أول انتخابات في لبنان منذ 9 أعوام إلى أول انتخابات عراقية منذ دحر «داعش»، مروراً بعدد من الحملات الانتخابية في ليبيا وتركيا. كل دولة لها خصوصيتها، ولكن في كل حالة تشهد هذه البلدان أجواء ترقب وتساؤل: هل يا ترى سنشهد تغييراً يذكر من خلال صناديق الاقتراع؟ بالنسبة للساسة والمراقبين والصحافيين، الانتخابات فرصة للتحليل والنظر في التطورات الإقليمية والتطلعات الاستراتيجية، أما للمواطن فالهم الأول هو الحصول على حكومة قادرة على إدارة البلد بأمان وتقوده نحو الازدهار. في غالب دول منطقة الشرق الأوسط، الانتخابات العامة تقام على أرض تشهد اضطرابات تهدد أمن البلاد، على أمل أن تجلب صناديق الاقتراع نوعاً من التوافق السياسي يعزز الاستقرار. وهذا التوافق يحتاج إلى زعماء ينظرون إلى المستقبل البعيد ولمصلحة البلد أولا - سمات لا توجد في كثير من الحالات مع المرشحين السياسيين.

النظام الانتخابي مبني على مبدأ أن الشخص الأفضل هو الذي يتم اختياره لتولي السلطة، بناء على الاعتقاد بأن الشعب قادر على اختيار الشخص المناسب. ويواجه هذا المبدأ اختباراً صعباً شبه يومي في دول تعاني من الانقسامات الطائفية والعرقية وأنظمة سياسية هشة تدفع الناخب لاختيار المرشح ليس بناءً على برنامجه السياسي، بل نسبة لطائفته أو عرقه أو عشيرته في دول لم تنضج فيها الأحزاب السياسية بعد. هنا يصبح من الصعب القول إن الشخص الأمثل قد تولى الموقع الملائم.

في الدول الخارجة من نزاعات داخلية أو حروب أهلية، والتي عادة ما تكون نتيجة خلاف حول من يحق له حكم البلاد، تبدو الانتخابات الوسيلة الأمثل لإحداث الانتقال السلمي. وقد شهدنا خلال العقدين الماضيين في العالم العربي، بلورة عملية الانتخاب في الجمهوريات إما لتكون عملية مصادقة على قائد ما من دون منافسة حقيقية، أو لتكون موافقة مستسلمة لنظام حكم معين.

ففي العراق، كانت الانتخابات وسيلة اعتمدتها الولايات المتحدة للتخلي عن مسؤولية إدارة شؤون الدولة التي احتلتها بعد حرب عام 2003، ومن أجل إعادة «السيادة» للعراق. فكانت عملية الاقتراع الأولى تمهد لبلورة نظام حكم في العراق بظروف مضطربة، لم تكن فيها الأجواء مهيأة لخوض الانتخابات بروح ديمقراطية ونضوج للعملية السياسية. على الرغم من عدم رضا نسبة عالية من العراقيين على الأداء الحكومي، كانت نسبة المشاركة في كل انتخابات أعلى من 50 في المائة (أي الأغلبية)، لتدلل بذلك على إيمان العراقيين باختيار صناديق الاقتراع لحكم البلاد بدلاً من حكم الاستبداد أو القتال.

لكن عملية الانتخاب وحدها لا تكفي. فمن دون مؤسسات صلبة تمنع استغلال المواقع الرسمية والمال العام، تتزعزع الدولة. كما أن عدم وجود موظفي دولة مهنيين أكفاء (تكنوقراط) يُسيرون شؤون الدولة بغض النظر عن هوية الحاكم ونوعية الحكم، يعني أن كبار الموظفين يصبحون «موظفي حكومة» يتغيرون مع تغير الحكومة. وهذا يضر بالدولة على المدى البعيد. لقد عانت جمهوريات مثل العراق ولبنان، بنيت العملية السياسية فيها على محاصصة طائفية، من ويلات المحاصصة في الوزارات التي بات بعضها يخدم حزباً أو طائفة معينة أولاً، وبعدها الدولة.

عامل المال السياسي يؤثر على الانتخابات ومن ثم على مسار العملية السياسية برمتها. الواقع أثبت بأنه لا يمكن لأية قوة سياسية أن تتسع ويزداد نشاطها من دون أن يكون لديها دخل مادي كبير. وفي دول لا توجد فيها آليات لجمع المال بطرق منتظمة وشفافة، يصبح الفساد المالي مرتبطاً بالنجاح السياسي. هذه القضية لا تقتصر على العالم العربي. ففي كل دولة يسود فيها التعدد الحزبي وتكون الانتخابات وسيلة لنقل السلطة فيها، مثل الولايات المتحدة، يكون المال السياسي ونفوذ قوى ثرية يلعب دوراً غير صحي أحياناً في العملية السياسية. وغالباً ما نسمع عن أطراف حققت النجاح بسبب الأموال على حساب من يمتلك الشعبية الأوسع. وقد يكون خير مثال على تمويل الحملات الانتخابية بشكل غير سليم، ما يثار حالياً حول الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي من قضية قضائية بخصوص تمويل حملته الانتخابية.

من جهة أخرى، تشهد الدول التي تعاني من آفة الإرهاب محاربة الإرهابيين للانتقال السلمي للسلطة. واستهداف مراكز الانتخاب في ليبيا وأفغانستان خلال الأيام الماضية، وإعلان «داعش» الحرب على الانتخابات في العراق، يظهر مدى خوف المتطرفين من الانتخابات، على الرغم من مشكلاتها. من السهل تعديد النواقص في أي من الأنظمة السياسية المذكورة، ولكن تبقى فكرة الانتقال سلمي للسلطة وموافقة غالبية الشعب على آلية الحكم من الأفكار التي يخافها ويحاربها المتطرفون.

أما في الجمهوريات التي تشهد استقراراً نسبياً، تصبح للانتخابات أهداف أخرى. فعلى سبيل المثال، في تركيا، الانتخابات المرتقبة مغزاها تثبيت سلطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وليس تثبيت النظام التركي الذي شهد خلال القرن العشرين صراعاً بين الحكم المدني وسلطة الجيش. والإعلان المفاجئ مؤخراً عن إجراء انتخابات مبكرة في أنقرة أثار أسئلة حول نيات إردوغان للحقبة المقبلة، بعد أن استطاع أن يُحَجّم معارضيه إثر محاولة انقلاب يوليو (تموز) 2016. هنا دور الانتخابات يصبح لتعزيز موقع الزعيم.

وعلى الرغم من كل هذه القضايا، لمن لم ينتخب في السابق ويحق له الانتخاب، هناك شعور صعب وصفه عند الاقتراب من صندوق الاقتراع. مبدأ أن كل صوت له أهمية، وأن للفرد الواحد إمكانية التأثير في الأحداث من دون اللجوء إلى العنف، مبدأ مهم للغاية. الشعور الفردي بقوة الصوت الواحد، بغض النظر عن الخلفية الاجتماعية أو الدخل المادي، شعور مهم للانتماء للوطن. عسى أن يشعر جميع الساسة بهذا الشعور والسعي لتحقيق التغيير الإيجابي المطلوب.

نقلا عن الشرق الآوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنه موسم الانتخابات إنه موسم الانتخابات



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon