توقيت القاهرة المحلي 05:25:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مأساة الغوطة الشرقية تعقد الأزمة السورية لا تحلها

  مصر اليوم -

مأساة الغوطة الشرقية تعقد الأزمة السورية لا تحلها

بقلم : مينا العريبي

  من المحزن والمفجع أننا اعتدنا على رؤية صور النازحين السوريين داخل بلادهم؛ أطفالاً وشيباً ونساءً، يسيرون على أقدامهم وهم يهجرون من بيوتهم وبلداتهم وأسلحة الجيش موجهة إليهم. حافلات تنتظر نقلهم وإخراجهم من أراضيهم إلى مناطق محاصرة أخرى. صور المهجرين من الغوطة الشرقية خلال الأيام الماضية تأتي بعد صور مماثلة لسوريين أجبرتهم حكومتهم على الاستسلام بعد سنوات من الحصار والتجويع، أساليب تعود للقرون الوسطى وتنافي كل القوانين والأعراف الدولية. ولكن القانون الدولي ليس له وجود في سوريا منذ زمن. لقد دخل ممثلون عن منظمات دولية مثل منظمة الصليب الأحمر والهلال الأحمر الدولية، الغوطة الشرقية، وشهدوا على حجم الدمار فيها، ولكن من دون القدرة على حماية أهاليها.

ما نراه في الغوطة هو إصرار نظام الرئيس السوري بشار الأسد على فرض سلطته أمام كاميرات التسجيل، معلناً «النصر» على شعبه. فحتى وإن كانت هناك مجموعات مسلحة في الغوطة الشرقية، هناك أضعاف أعدادهم من المدنيين. وكانت زيارة الأسد، الأسبوع الماضي، لريف دمشق ضمن هذه الحملة، إذ كان ظهوره ونشر صوره، مهماً لمؤيدي النظام؛ أولاً لرفع المعنويات بين مؤيديه بعد القصف العشوائي الذي عانت منه دمشق خلال الأسابيع الماضية من الغوطة، وثانياً لإظهار الأسد على أنه قادر على التحرك خارج العاصمة السورية. لكن في الواقع، ما رأيناه الأسبوع الماضي زيارة رئيس دولة لبلدة على بعد أميال من مقر إقامته وقد دمرت بالكامل.
وخلال الأيام الماضية، ظهر تسجيل يجسد الأزمة السورية سياسياً وإنسانياً؛ إذ انتشر تسجيل عبر مواقع التواصل الاجتماعي لعضو مجلس الشعب السوري محمد قنبض وهو يفرض على النازحين الهتاف تأييداً للأسد، ويزيد من معاناتهم بانتظار هذه الهتافات قبل أن يعطيهم قنينة ماء شرب صغيرة تروي عطشهم بعد سنوات من الحصار وأسابيع من القصف المستمر عليهم.

التسجيل يظهر قنبض وهو يصرخ «من هو رئيسكم؟»، ليجيب النازحون المنهكون بصوت ضعيف «بشار الأسد». ولكن ذلك لم يكن كافياً، إذ يصر قنبض بصوت عالٍ «من هو رئيسكم»؟ ليرد السوريون «بشار الأسد» بصوت أعلى، ولكنه مليء بالحزن.

ويظهر التسجيل الذي نشره «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عضو مجلس الشعب السوري، الذي كان يقف فوق سيارة نقل تحمل قناني المياه، حاملاً إحداها، ويقول: «سوريا منتصرة بقيادة الرئيس بشار الأسد». وقبل أن يسلم قنينة الماء للعطاشى، يصر عليهم بالهتاف تأييداً للرئيس السوري الذي أشرف على حصارهم وتهجيرهم. هذا التصرف جاء ممن يدعي أنه يمثل الشعب، لكنه في الواقع هو الذي يذله.

علينا التذكر بأنه خلال 5 أسابيع، قتل 1600 سوري على الأقل وجرح 7 آلاف آخرين في الغوطة الشرقية. أما الآثار النفسية التي لا تراها العين، فهي من دون شك أعمق وأشد مما نعرفه الآن. ومن يتوقع أن هذا الذل وعمليات التجويع والتهجير القسري من الممكن أن تؤدي إلى حل في سوريا فهو مخطئ في حساباته. تدمير الغوطة الشرقية وتجول الأسد في أجزاء منها قبل أيام ليس حلاً، بل فتح فصلاً جديداً من الأزمة السورية لا تعلم تداعياتها فوراً بل ستأتي لاحقاً. الطفل الذي عاش 6 سنوات خارج سلطة النظام السوري، وعانى ما عاناه في الغوطة، لن ينسى هذه المأساة، ومن الصعب أن يتقبل سلطة نظام يضم عضو مجلس شعب يهين الشعب بالطريقة التي مر ذكرها. وهذا أمر يعرفه النظام السوري، مما يرجح فرضية الهجوم المقبل على إدلب، التي باتت حاضنة لكل من هجر من المناطق السورية التي استسلمت فيها المعارضة. السيناريو الذي تم في الغوطة الشرقية رأيناه سابقاً في حمص وحلب وغيرهما. التهجير القسري إلى إدلب ينذر بضربات عسكرية موجعة عليها خلال أشهر قليلة. من ينتقل إلى إدلب يعلم أنه يواجه المزيد من التجويع والاستهداف بطرق مختلفة.

وهناك أكثر من 5.5 مليون لاجئ تركوا سوريا ومن الصعب أن يعودوا إليها، خصوصاً أن لائحة المطلوبين مدرج عليها أكثر من 1.5 مليون اسم.

لا شك في أن تشرذم المعارضة السورية والاختلافات بين فصائلها وداعميهم يزيد من حدة الأزمة ويقوي كفة بشار الأسد. فتعامل القوى الإقليمية والدولية مع معارضة مفككة يجعل الدبلوماسيين يشعرون بالحيرة. لا شك أن الخلافات بين «فيلق الرحمن» و«جيش الإسلام» أدت إلى المزيد من الدمار في الغوطة. ولكن هذه الانقسامات جاءت بسبب الاختلافات الدولية والإقليمية التي جعلت أطرافاً عدة تدعم فصائل مختلفة مما أوصل المعارضة السورية إلى هذه المرحلة.

البعض يقول بأن علينا «الاعتراف» بأن الأسد انتصر. إذا كان النصر هو البقاء في السلطة بناءً على أساليب الحصار والتجويع وتدمير مدن بكاملها واحتلال قوات مدعومة من إيران وروسيا، فنعم الأسد انتصر على جزء من شعبه بهذه الأساليب. ولكن فقدان السيادة وفقدان الملايين من الشعب بين قتيل ومهجر ونازح ومعارض لا يمكن أن يشكل نصراً. ومع الأسف، جميع المؤشرات في الوضع السوري والإقليمي الحالي تدل على أننا سنرى صوراً جديدة من الدمار والتهجير. لكن من غير المؤكد كيف سيرد ابن الغوطة وبابا عمرو وغيرهما من بلدات سوريا، آجلاً أم عاجلاً، على هذه الاختراقات البشعة لجميع حقوقه.

نقلاً عن الشرق الاوسط

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مأساة الغوطة الشرقية تعقد الأزمة السورية لا تحلها مأساة الغوطة الشرقية تعقد الأزمة السورية لا تحلها



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon