توقيت القاهرة المحلي 05:30:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فرصة نادرة في العراق... قد تضيع من جديد

  مصر اليوم -

فرصة نادرة في العراق قد تضيع من جديد

بقلم : مينا العريبي

  تتواصل المشاورات بين القيادات السياسية في العراق حول التحالفات الجديدة التي ستؤمن تشكيل الحكومة المقبلة وسط ضغوط داخلية وخارجية متعددة. فكل طرف يريد أن يؤمن مصالحه والخوف من أن تضيع مصلحة العراق خلال عملية المساومة الجارية. وهي عملية أصبحت جزءاً لا يتجزأ من العمل السياسي العراقي بسبب النظام البرلماني الذي فرض على العراق بعد حرب 2003 وانقسامات الأحزاب مما يجعل خروج حزب واحد بأغلبية تشكل الحكومة شبه مستحيل. المشاورات الجارية حول قيام ائتلاف جديد لتشكيل الحكومة تعطي رجل الدين مقتدى الصدر الأولوية مع تقدم قائمته «سائرون» بـ54 مقعداً من أصل 329 مقعداً في البرلمان. ومن المفارقات أن تعلق الآمال اليوم على الصدر لإخراج العراق من مأزق الفساد وعسكرة المجتمع وتشكيل حكومة تكنوقراط، بعد أن كان من أبرز الداعمين للتسليح خارج الدولة من خلال جيش المهدي المنحل.

اليوم، هل يمثل الصدر رجال الدين أم الشعبويين أم الشيعة أم الإصلاحيين أم المسلحين؟ هناك الكثير من التناقضات قد لا نجدها إلا بدولة مثل العراق، مما تجعل الصدر قادراً على تمثيل كل هؤلاء، ولو جزئياً. التزامه بخط مكافحة الفساد والهوية العراقية قبل كل شيء جعل شعبيته في تصاعد بين فئات مختلفة ذات توجهات متعددة. اقتحام البرلمان العراقي والمنطقة الخضراء من قبل الموالين للصدر عام 2016 كانت نقطة مفصلية للصدر ومؤيديه، إذ وجدوا إقبالاً شعبياً للتحرك ضد فساد الطبقة الحاكمة حتى وإن كانت عملية الاقتحام نفسها مرفوضة من حيث مبدأ احترام الدولة. ولكن إذا كان المخول لقيادة الدولة فشل في احترامها، من الصعب فرض ذلك على من تضرر منها. منذ 2016 أصبح الصدر الصوت الأعلى ضد الفساد والمطالبة بحكومة يقودها المختصون والتكنوقراط. واليوم، الفرصة أمام الصدر لتحقيق وعود مكافحة الفساد وبناء الدولة. المعارضة تختلف عن الحكم، وينتظر العراقيون من الصدر، ومن يتحالف معه، ألا يفشلوا في اختبار الحكم، كما حصل في السابق.

عاش العراقيون مثل هذه الأجواء قبل 8 أعوام، عندما فازت قائمة «الوطنية» بزعامة رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان. وكانت «الوطنية» تعد الناخب بتخطي الانقاسامات الطائفية. إلا أن المشاورات بين الكتل السياسية، وبدعم من طهران وبتخلٍ من واشنطن، أدت إلى عودة نوري المالكي للحكم وبتأييد من أحزاب إسلامية شيعية مدعومة من إيران. وكانت تبعات ذلك وخيمة على العراق.
اليوم التوقعات بنهوض بغداد من خلال حكومة قادرة على تخطي التحديات الأمنية والخدمية والمالية رهن الائتلاف الذي سيشكله الصدر، والذي يجب أن يفي بوعود التخلي عن الطائفية والاعتماد على الكفاءات في الحكومة. بعد لقائهما الأخير، تعهد الصدر ورئيس الوزراء حيدر العبادي بتشكيل حكومة «أبوية»، أي تكون عابرة للطائفية والاختلافات الداخلية وغير مفسدة، تعتني بالمواطن وترعاه. لكن المجتمعات والاقتصادات المتطورة تعتمد على أنظمة حكم متقدمة وبرامج سياسية ناضحة للتطور. تعبير «الأبوية» أثار تساؤلات من أن تكون الحكومة تعتمد على شعارات «الإبوة» بدلاً من نظام مبني على حقوق المواطنين ومسؤولياتهم.
من أبرز نتائج الانتخابات التي أحدثت تغييراً في التوازنات داخل الأحزاب الشيعية الإسلامية، فوز لوائح مثل لائحة «النصر» للعبادي العابرة للطائفة، وحصول وزير الدفاع السابق خالد العبيدي، وهو من منتسبي الجيش ومن أبناء الموصل، على أكبر عدد للأصوات في الموصل من خلال لائحة العبادي، الأمر الذي يعد ذا دلالات إيجابية.

لكن هناك مؤشرات تثير القلق؛ أبرزها محاولة جهات إسلامية شيعية مدعومة من إيران أن تفرض نفسها على الائتلاف الحكومي. وقد فشلت جهود المالكي حتى الآن في تشكيل «حكومة أغلبية» (أي أغلبية شيعية إسلامية)، وهي كانت من وعوده الانتخابية. وقد تراجعت حظوظه مع تراجعه في النتائج الانتخابية.

لا شك أن حصول المالكي على عدد من الأصوات يثير الانتباه، ولكن في الواقع تراجع عدد الاصوات له من عدة مئات الآلاف في الانتخابات السابقة إلى 100 ألف هذه المرة.

إلا ان إيران لديها عناصر أخرى تدعمها قد تدخل التشكيل الحكومي، وستعمل على فرض الانقسامات الطائفية من جديد. فقد أسرعت طهران بإيفاد قائد «فيلق القدس» والمسؤول عن عمليات إيران العسكرية الخارجية قاسم سليماني إلى بغداد، سعياً لفرض وجود القوى التي تدعمها إيران في المرحلة المقبلة. على رأس القائمة هادي العامري الذي يقود لائحة «الفتح» التي تمثل عناصر «الحشد الشعبي» المدعومة من إيران، والتي حصلت على المرتبة الثانية من حيث عدد المقاعد في البرلمان. وعلى الرغم من التوقعات الأولية بأن يكون تحالف الصدر مع رئيس الوزراء العراقي العبادي وعدد من القوائم التي تمثل تنوعاً سياسياً وعرقياً وطائفياً، إلا أن خطر الخروج بائتلاف من الأحزاب الشيعية الإسلامية قد يجعل شريحة كبيرة من العراقيين ترفض هذه الحكومة. كما أن السعي للقضاء على الفساد والمحاصصة الطائفية يعتمد على ائتلاف متنوع مبني على برنامج سياسي بعيد عن المسميات الطائفية.

وتحرص إيران على تثبيت موقعها في العراق مع زيادة الضغوظ الإقليمية والأميركية عليها. وبالتزامن مع وجود سليماني في العراق، يتجول المبعوث الأميركي الخاص بريت مكغريك بين بغداد ومدن عراقية أخرى سعياً للتأثير على العملية السياسية. إيران ستزيد من جهودها في العراق وستسعى لمحاربة واشنطن هناك، وهذا ما ينذر بفترة عصيبة على العراق إن لم تنجح القوى السياسية العراقية بمواجهة طهران. وفي خطابه عن إيران يوم الاثنين، قال مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي في خطابه «دعم سيادة العراق ودعم نزع سلاح الميليشيات الشيعية» من المطالب الأميركية من إيران. وهناك اليوم 12 مطلباً أميركياً تتمحور حول موقع إيران في المنطقة، حيث قال بومبيو إن العقوبات الأميركية ستفرض لأنه «لا يمكننا أن نواصل تمويل قاسم سليماني».

سليماني، الذي برز في العراق ويتجول في أراضيه وأراضي سوريا، لن يفوت فرصة في تثبيت مصالح طهران. المطلوب ألا يفوت العراقيون وجيرانهم العرب الفرصة الحالية لتشكيل حكومة يمكنها أن تثبت الهوية العراقية وتسعى لصد التوسع الإيراني. الفرصة لن تتكرر.

نقلًا عن الشرق الآوسط اللندتية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرصة نادرة في العراق قد تضيع من جديد فرصة نادرة في العراق قد تضيع من جديد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon