توقيت القاهرة المحلي 09:08:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خرق هدنة الغوطة كان مؤكَّداً

  مصر اليوم -

خرق هدنة الغوطة كان مؤكَّداً

بقلم - مينا العريبي

لم تمر إلا ساعات قليلة من شبه السكينة على الغوطة الشرقية فجر الأحد قبل أن تعاود طائرات النظام السوري قصفها، بعد أن صادق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على قرار إلزامي لوقف إطلاق النار كان من المقرر أن يستمر 30 يوماً. ولكن ليس من المستغرب قرار النظام السوري خرق هذه الهدنة، بل كان من المؤكد أن يحدث ذلك. وهناك مؤشرات عدة كانت تدل على أن النظام سيخرق الهدنة، من دون تبعات حقيقية، ما عدا ما يعني ذلك من دمار وأذى على أهالي الغوطة. وتعاد الحلقة نفسها قبيل كل قرار لمجلس الأمن؛ أيام من المفاوضات والمشاورات في نيويورك، وآمال معلقة في مدن سوريا، ومن بعدها قرار يشاد به، ثم واقع مرير يعود له المدنيون.
خرْق الهدنة كان مؤكداً بسبب عدد من الكلمات حرصت روسيا على فرضها على نص قرار مجلس الأمن رقم 2401. فبموجب القرار، على جميع الأطراف الالتزام بوقف إطلاق النار ولكن ذلك «لا ينطبق على العمليات ضد (داعش) وتنظيم القاعدة وجبهة النصرة وجميع الأفراد والمجموعات والفئات التي لها علاقة بالمجموعات الإرهابية». وهذه الجملة، المكررة في جميع القرارات حول وقف إطلاق النار في سوريا، تضمن عدم فعالية القرارات نفسها. وبما أن النظام السوري منذ اليوم الأول من خروج مظاهرات سلمية ضده، قرر أن كل معارض هو إرهابي، يواصل استهداف المعارضين له. كما أنه لا يمكن نكران أن بعض المجموعات المسلحة لديها ارتباطات مع متطرفين ومجموعات تعد إرهابية، مما يعطي النظام السوري وداعميه مبرراً لمواصلة القصف على المدنيين. فحتى وإن وُجدت مجموعات مسلحة في منطقة ما، لا يبرر ذلك القصف العشوائي المستمر الذي يستهدف مناطق ذات كثافة سكانية والمستشفيات والمدارس. ومن يريد حجة في استمرار القتال، يعتمد على هذه الجملة لتبرير أفعاله.
خرق الهدنة كان مؤكداً لأن الجهات المسلحة والمصرة على الاستمرار في القتال –من النظام السوري وداعميه الخارجيين إلى الميليشيات والتنظيمات المسلحة في سوريا وداعميها– ما زالت ترى فائدة من القتال. والغالبية العظمى منهم يعتبرون أن الأزمة السورية ستُحلّ بناءً على «غالب ومغلوب»، ويجب أن يكون طرفاً ما الغالب بناءً على السلاح. ولكن كل من عمل في الملف السوري يقر بأن في النهاية سيكون من الضروري التوصل إلى اتفاق سياسي. فشل مفاوضات السلام في جنيف وآستانة وسوتشي، مع سنوات من مفاوضات غير مباشرة ومؤتمرات دولية وتصريحات دون جدوى، جاء نتيجة الإصرار على القتال ورفض مبدأ التفاوض. وفي كل دورة من مفاوضات جنيف كان النظام السوري يستمر بعدم اعترافه بالمعارضة، معتبراً ممثليها «إرهابيين»، مما يفسر استمرار قصف الغوطة الشرقية وغيرها من مدن سوريا.
وعامل آخر شبيه ضمن فشل الهدنة قبل سريانها، وهو أن خرق قرارات مجلس الأمن لم يعد يشكل أزمة سياسية على الصعيد الدولي ولا يحاسَب النظام السوري أو غيره من أنظمة على ذلك. فقد أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حتى الآن أكثر من 20 قراراً حول الأزمة السورية، بما في ذلك قرارات لوقف إطلاق النار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين. إلا أن الحصار ما زال مفروضاً على الغوطة الشرقية وغيرها من مناطق سوريا، ولم يمر أسبوع من دون إطلاق نار خلال السنوات السبع الماضية. وطالب القرار الأخير الصادر من الأمم المتحدة ليل السبت الماضي «من جميع الأطراف» رفع الحصار عن المناطق السكانية، مسمياً تحديداً الغوطة الشرقية واليرموك والفوعة وكفريا. وما زال الحصار مفروضاً على مئات الآلاف من المدنيين.
وبالطبع، أي قرار بإمكانه أن يجبر النظام السوري على عمل جدي لإنهاء الأزمة يصدر مباشرة من قِبل موسكو، حليفة دمشق، التي تتمتع بحق النقض (الفيتو) كعضو دائم في مجلس الأمن. وقد استخدمت روسيا «الفيتو» 10 مرات من أجل حماية النظام السوري خلال السنوات الثماني الماضية، بما في ذلك إفشال مشروع قرار في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي كان هدفه أن يمدد مهمة فريق التفتيش الدولي الخاص ببرنامج السلاح الكيماوي في سوريا. ومع الفيتو الروسي، توقفت هذه المهمة، وقد تم تسجيل 3 حالات على الأقل لاستخدام السلاح الكيماوي في سوريا منذ ذلك الحين. النتيجة أن القرارات التي يتم الاتفاق عليها من جميع الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن تصبح ضعيفة ومحدودة المفعول، مما يضمن إصدارها من دون أن يضمن فعاليتها.
مشكلة الدبلوماسية أنها إذا لم تكن مدعومة بالرادع القوي –وإمكانية استخدام القوة في حال فشلها– تصبح أداة للمماطلة. وهذا هو الفخ الذي وقع فيه العمل الجماعي الدولي في سوريا. ومع فشل قادة دول العالم النافذة في العمل الفعلي على إنهاء الأزمة السورية، وهي تتجه إلى عامها الثامن، باتت الدبلوماسية الدولية في مأزق حقيقي. وعدم فعالية القرارات الدولية يشكل خطراً حقيقياً على الأمن والسلم الدوليين، العاملين اللذين يشكلان السبب الرئيسي لتأسيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قبل 70 عاماً.
وبينما نتابع مأساة سوريا وفشل مجلس الأمن، يموت المزيد من الأطفال ومعهم تستمر غيبوبة الضمير العالمي.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خرق هدنة الغوطة كان مؤكَّداً خرق هدنة الغوطة كان مؤكَّداً



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon