توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أزمة السلطة في العراق بعد ستين عاماً من الانقلاب

  مصر اليوم -

أزمة السلطة في العراق بعد ستين عاماً من الانقلاب

بقلم - مينا العريبي

يدخل العراق مرحلة جديدة من الضبابية السياسية. يتزامن انتهاء ولاية حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، لتصبح حكومة تصريف أعمال، مع بدء العد والفرز اليدوي لجزء من الأصوات في الانتخابات. ومع مرور 7 أسابيع من إجراء الانتخابات العامة في العراق، ما زالت النتائج النهائية غير معتمدة مع قرارات قضائية وبرلمانية لإعادة الفرز. وعلى الرغم من الإقرار العام بأن قائمة «سائرون» لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر هي القائمة المتصدرة، فإن فرق مقعد أو مقعدين لقائمة ما قد يعيد حسابات التحالفات الحالية بسبب شدة المنافسة والفوارق البسيطة بين غالبية اللوائح.

لأول مرة منذ انطلاق عملية التصويت في العراق بعد حرب 2003، تتم إعادة فرز وعد أصوات في 1800 محطة انتخابية. وعلى الرغم من المشكلات التي واجهت العملية السياسية في البلاد، لم يتم التشكيك في عملية الاقتراع على غرار ما حدث في هذه الانتخابات. والخوف من أن هذا التشكيك، مع النسبة المتراجعة للمصوتين أساساً، التي بأقصى حد بحسب الإحصاءات الرسمية لم تتعدَ 44 في المائة، يؤدي إلى رفض شعبي للحكومة المقبلة. شرعية هذه الحكومة تعتمد على توافق واسع في البلاد، وهو الأمر الذي بات غير مؤكد.

ومع فشل اكتمال النصاب الأسبوع الماضي، أنهى البرلمان أعمال دورته التقليدية من دون الاتفاق المتوقع على تمديد. وكان آخر أعمال للبرلمان العراقي إقرار إعادة فرز الأصوات في 7 محافظات عراقية. وبقاء بلد يعتمد نظامه السياسي على البرلمان في هذه المرحلة المرتبكة أمر مقلق، ولكن في الواقع هذا الأمر لن يؤثر في المواطن العراقي. فالقوانين المطلوبة لإدارة البلاد بطريقة سليمة، مثل قانون النفط والأقاليم، لم تعالج منذ سنوات. وعلى الرغم من انشغال البرلمان بالتصويت على صلاحيات النواب ومصالحهم، بقيت احتياجات المواطن في الغالب خارج قبة البرلمان. كما أن دخول حكومة العبادي مرحلة تصريف الأعمال، يضعف قدرة الحكومة على معالجة الملفات الشائكة، خصوصاً إذا كانت هناك جوانب خارجية، وعلى رأسها أزمة المياه مع تركيا التي ما زالت تهدد العراقيين بالعطش خلال أشهر الصيف. كما أن وزارة الصحة لم تنجح في معالجة حمى جديدة تضرب جنوب البلاد وتهدد بالانتشار.

ومع تسارع الأحداث في العراق، من الصعب الوقوف عند كل نقطة وتحول تشهدهما البلاد. ولكن وتيرة الأحداث لا تطمئن. فخلال الأيام الماضية، تم استهداف مراكز حفظ صناديق الاقتراع مجدداً. التفجير الذي استهدف مقر خزن صناديق الاقتراع في كركوك تذكير آخر على إصرار مجموعات معينة على تعطيل عملية الفرز، بعد استهداف مخزن آخر في الرصافة ببغداد. كما أن الحوادث الأمنية في ديالى تتصاعد، وما زالت هناك عناصر إما تابعة لـ«داعش» أو موالية له فعالة هناك. وتم الإعلان عن مقتل 6 عراقيين اختطفتهم عناصر موالية لـ«داعش» بالقرب من حمرين، بعد أن نشر التنظيم الإرهابي تسجيلاً لهم يقولون فيه إنهم من قوات «الحشد الشعبي». وعلينا ألا ننسى أن زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي ما زال حراً طليقاً. من جهة أخرى، توجد قوات من «الحشد الشعبي» داخل سوريا واستهدافها بقصف يتوقع أنه إسرائيلي، وإعلان أبو مهدي المهندس أن «الحشد» قد يرد على الجاني، يزيدان من تعقيد الأمور في العراق وخلط الأوراق فيه.

كل هذه التطورات تؤثر في سيادة العراق، الذي ما زال يبحث عن هوية للدولة تحمي جميع المواطنين.

وكثيراً ما يقال إن الهوية الوطنية العراقية غير موجودة، وهذا أمر خاطئ. بل إن هوية السلطة هي التي تعاني من الاضطراب. فمطالبة المواطنين العراقيين بحكومة عابرة للطوائف والإثنيات تبدو صعبة المنال مع التحالفات المعلن عنها بين قوى إسلامية شيعية. وقد هددت قيادات سياسية مسلحة بأنها لن تقبل بتحالف يبقيها خارج السلطة، حتى إن اضطرت لحمل السلاح ضد الدولة. كما لم تترسخ «الفيدرالية» في البلاد، وبعد 10 أشهر من الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان ما زالت الخلافات شديدة ولم تظهر خريطة طريق للخروج من تلك الأزمة.

ولكن أزمة السلطة في العراق ليست جديدة، وإن كانت قد تفاقمت بعد حرب 2003. فمنذ 60 عاماً والعراق يعاني من أزمات سياسية وتساؤلات حول النظام السياسي في البلاد - وليست الهوية الوطنية. ويمكن العودة إلى نقطة تاريخية واضحة ولدت هذه الأزمات. فتحل هذا الشهر الذكرى الستون للانقلاب العسكري الذي غدر بالملكية العراقية وغير اتجاه بلد كانت لديه القابلية على التقدم تحت مظلة الملكية. وقد رسخ خطأ في ذهن كثير من العراقيين باستخدام تعبير «ثورة 1958»، ولكن في الواقع لم تكن ثورة، بل كانت انقلاباً عسكرياً دموياً، اعتقل من عارضه. مع تقدم الزمن وتقدم عمر الذين عاشروا الملك فيصل الثاني، رحمه الله، وعاصروا الحقبة الملكية، تختفي الأصوات التي تتحدث عن تلك المرحلة، ولكن علينا التذكر. نظام عبد الكريم قاسم لم يكن ببشاعة أنظمة تلته في العراق وفي المنطقة، ولكن واقعة قتل كل أعضاء العائلة المالكة في العراق، ما عدا الأميرة بديعة التي ما زالت في منفاها في لندن، أنذر بحقبة سياسية مبنية على العنف.

7 أسابيع منذ إجراء الانتخابات العراقية... 15 عاماً على الحرب التي أطاحت بنظام صدام حسين... و60 عاماً منذ مقتل الملك فيصل الثاني والانقلاب الدموي على الملكية العراقية. علامات فارقة في تاريخ العراق تحكم على شعبه. الانتقال السلمي للسلطة هو حلم العراقيين، الذين ضحوا بالكثير خلال السنوات الـ15 الماضية، أملاً في أن يضمنوا أقله الانتقال السلمي للسلطة... وحتى هذا المكسب معرض للخطر اليوم.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة السلطة في العراق بعد ستين عاماً من الانقلاب أزمة السلطة في العراق بعد ستين عاماً من الانقلاب



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon