توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غزة و«حماس» والصواريخ وذاكرتنا القصيرة

  مصر اليوم -

غزة و«حماس» والصواريخ وذاكرتنا القصيرة

بقلم-ماجد كيالي

لا أحد يعرف ما الذي كسبته حركة حماس من الانقسام الفلسطيني (2007)، أو من أخذها السلطة وهيمنتها الأحادية على قطاع غزة، أي على مليوني فلسطيني، ولا ما الذي كسبه الشعب الفلسطيني، أو حركته الوطنية، من هذا وذاك، إذ إن تلك الحركة لم تستطع تحويل غزة إلى قاعدة للتحرير أو للمقاومة، على نحو ما توهّمت، أو برّرت، وأصلاً ليس بالإمكان إقامة قاعدة كهذه. وبالمثل، فإن «حماس» لم تستطع إضعاف شرعية السلطة في الضفة، ولا بناء نموذج لسلطة أفضل منها في غزة، على نحو ما ادّعت. وفوق هذين، أي الإخفاق في مشروعي المقاومة وبناء السلطة، فقد نجم عن هيمنة «حماس» أن سهّلت على إسرائيل تحويل غزة إلى معتقل كبير لحوالى مليونين من الفلسطينيين، وحقل رماية لطائراتها، مع كل ما يعنيه ذلك من قهر وإفقار وخيبات أمل، والحديث هنا يدور عن منطقة تفتقر إلى الموارد، وهي محاصرة منذ 12 عاماً.

طبعاً، لا تتحمل «حماس» وحدها مسؤولية ما حصل، لكنها بالتأكيد تتحمل مسؤولية أساسية عن الانقسام، وعن طريقة إدارتها الأحادية والإقصائية لغزة، وعن أسلوبها في التعاطي مع المجتمع الفلسطيني، ونهجها في مقاومة إسرائيل، وضمن ذلك إطلاق الصواريخ من منطقة محاصرة، تعتبر واحدة من أكثر المناطق كثافة في العالم، يعيش فيها مليونان من البشر في 360 كلم مربع.

القصد من كل ذلك القول إن الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر والمنكوب والضعيف والذي يفتقد للموارد، ليسوا بحاجة إلى مغامرات أو مزايدات أو توظيفات خارجية جديدة، لا في حرب صواريخ ولا في غيرها، لأن تلك الصواريخ، كما بينت التجربة، لا ترفع الحصار عن غزة، لا سيما أن الأمر له علاقة بدولة أخرى هي مصر أيضاً، ثم إن صواريخ حماس لم تغير أوضاع فلسطينيي غزة، فهذا يحتاج إلى عوامل أو معطيات أخرى مغايرة، بل الأهم من كل ذلك أن تلك الصواريخ البسيطة لا تؤثر في إسرائيل، لا في تغيير سياساتها ولا في تغيير معادلات موازين القوى، بعيداً من التمنّيات المتضمّنة في عبارات مخادعة وغير عملية، وتطرح للاستهلاك، مثل: «الردع المتبادل»، لأن المقاومة ليست عملاً مزاجياً، ولا هواية، ولا شيئاً يخضع للرغبات والتمنيات.

بمعنى آخر فإن إطلاق الصواريخ من غزة، كما بينت التجارب، يطلق، أولاً، يد إسرائيل في مزيد من القتل والتدمير.

ثانياً، يبعث صورة للعالم مفادها بأن ما يجري حرب صواريخ ضد صواريخ، كأن غزة تملك جيشاً، أو أنها كيان مستقل يملك جيشاً وأسلحة ومخازن أسلحة.

ثالثاً، هذه مغامرة في المكان والزمان الخطأ، فمن غير المعقول تحميل غزة عبء مواجهة إسرائيل، فحتى إيران وحزب الله يقفان بلا حراك إزاء ضرباتها، وهي في الزمان الخطأ لغياب عمق أو إسناد عربي.

رابعاً، وباختصار، فإن إسرائيل الاستعمارية والاستيطانية والعنصرية المتوحشة والمصطنعة لن توفّر أي خطأ أو مغامرة غير محسوبة من حماس أو الجهاد، وكون إسرائيل كذلك، لا يعفي الحركتين من مسؤوليتهما عما يجري، بل يؤكده.

خامساً، ما يفترض إدراكه بعد كل هذه التجارب، وبعد انتفاضة مسلحة وثلاث حروب على غزة، أن المقاومة يفترض أن يكون هدفها الأساسي تمكين الشعب من الصمود وليس ضعضعة هذا الصمود بوضعهم كحقل رماية لإسرائيل، أو كمنطقة عقابية لإفقار واستنزاف مليوني فلسطيني، بحجة حماس أو غيرها. وأن المقاومة لا تقتصر على فعل فصائل ولا على عمل مسلح، لأنها يفترض أن تكون مقاومة شعب.

سادساً، لا يمكن القول بالمقاومة السلمية، كما فعل بعض قادة حماس، لأغراض الاستهلاك، ثم في اليوم الثاني نذهب إلى العمل المسلح الذي لا نمتلك إمكاناته بالقياس لإسرائيل التي تستدرج حماس وغيرها إلى مربع العمل المسلح، أي إلى مربعها، لأن المقاومة السلمية هي عمل استراتيجي، يتوخى تحييد قوة العدو العسكرية ما أمكن، وجلب التعاطف الدولي ما أمكن، وإثارة التناقضات في صفوف العدو ما أمكن.

سابعاً، إن القول أن المقاومة السلمية لا تحرّر شبراً صحيح، لكن العمل المسلح من خمسين سنة، في المقابل، لم يحرر شبراً أيضاً، ومثال الانسحاب الإسرائيلي من غزة أمر أخر، إذ أتى انسحاب إسرائيل منها في إطار رؤية لها تتعلق بالتحرر من عبء السيطرة على مليوني فلسطيني في منطقة فقيرة الموارد، والتخلص من فكرة القنبلة الديموغرافية، أما التحرير سواء كان ناقصاً أو كاملاً فهو يحتاج إلى ظروف دولية وعربية تمكن الشعب الفلسطيني من استثمار تضحياته ونضالاته.

ثامناً، ثمة شبهات مشروعة في اعتبار إطلاق صواريخ من غزة، بدفع من حماس والجهاد، كنوع من استجابة لإملاءات إيران التي تصارع على مكانتها الإقليمية في هذه الظروف، في حين هي تتجنب أي مواجهة مع إسرائيل، حتى حزب الله لم يطلق طلقة واحدة على إسرائيل إبان الانتفاضة الثانية (2000-2005) ولا إبان الحروب الإسرائيلية الثلاث على غزة (2008 و2012 و2014).

تاسعاً، من كل ما تقدم فإنه لا يجوز لأحد، لا لفتح ولا لحماس ولا للجبهات ولا للجهاد أخذ الشعب الفلسطيني بحسب أجنداته السلطوية أو الإقليمية، خارج الأجندات الوطنية الفلسطينية، أو أخذه بحسب ما يريد هذا الفصيل أو ذاك، كما حصل في ذهاب فتح نحو أوسلو، أو ذهاب حماس نحو الحرب الصاروخية أو العمليات التفجيرية.

عاشراً، لعل أهم شيء ينبغي الانتباه إليه في هذه الظروف، أنه يمكن لأي مغامرة أن تعرّض شعبنا في الضفة أو غزة أو القدس أو 48 لكارثة لا تحمد عقباها، فإذا كانت القوى الكبرى سمحت للنظام السوري بتشريد الملايين وقتل مئات الألوف وتدمير عمرانهم فهل سيكون لها رد فعل إزاء أية جرائم إسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني؟

* كاتب فلسطيني - سوري

نقلا عن الحياه اللندنيه 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة و«حماس» والصواريخ وذاكرتنا القصيرة غزة و«حماس» والصواريخ وذاكرتنا القصيرة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

شام الذهبي تعبر عن فخرها بوالدتها ومواقفها الوطنية

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 15:39 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

"المركزي المصري" يتيح التحويل اللحظي للمصريين بالخارج

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ليفربول يتواصل مع نجم برشلونة رافينيا لاستبداله بصلاح

GMT 20:53 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أجاج يؤكد أن السيارات الكهربائية ستتفوق على فورمولا 1

GMT 06:59 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مواعيد مباريات اليوم الاثنين 23 - 12 - 2024 والقنوات الناقلة

GMT 08:20 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

ترامب وبوتين يتفقان علي إعادة النظام إلى الجنوب

GMT 09:31 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج العقرب

GMT 09:56 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

أخطاء مكياج شائعة تجعلك تتقدمين في السن
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon