توقيت القاهرة المحلي 05:19:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصر الجديدة

  مصر اليوم -

مصر الجديدة

مصر الجديدة
بقلم - إبراهيم عبدالمجيد

احتاجت الصحافة بعد نشأتها إلي شيء من الوقت حتي تدرك أنها باعتبارها نافذة يومية علي الأحوال لابد أن تسلك مسلكا مغايرا لما استقرت عليه اللغة الأدبية في الكتابة. الصحفيون أدركوا شيئا فشيئا أن مخاطبة قارئ يومي عادي أمر يحتاج إلي الابتعاد عن الجماليات الأدبيه القديمة التي تحتاج قارئا متمرسا لديه الوقت ليفهم ويستمتع أيضا بالصياغة الأدبية وإن لم تتخلَّ الصحف عن إفراد صفحات لكبار الكتاب والأدباء. بل وكانت بعض الصحف المصرية في بداية القرن العشرين تضع في صفحتها الأولي قصيدة كاملة لشاعر كبير. لكن ذلك قل مع الوقت حتي انتهي وإن ظلت الصفحات الثقافية. دون شك كان لهذه الكتابة الصحفية الجديدة أثر علي تطور اللغة العربية ونزولها منزلا سهلا لدي القارئ ودون شك حاول الأدباء الذين يكتبون في الصحف بدورهم عمل ذلك ولكن ظلت للأدب مكانته وإن حظيت روايات كبار الصحفيين الموهوبين مثل إحسان عبد القدوس بقراءة أكثر من غيرها وكذلك يوسف السباعي وهذان الكاتبان الكبيران كانت موهبتهما الأدبية تزاحم موهبتهما الصحفية وحين كانت الموهبة الأدبية تطغي علي الكتابة كان إبداعهما أعظم كما تري في أعمال مثل » في بيتنا رجل »‬ و»‬ شيء في صدري »‬ مثلا لعبد القدوس و» السقا مات »‬ و» بين أبي الريش وجنينة ناميش »‬ للسباعي وغيرها من الأعمال. بينما استطاع صحفي كبير مثل فتحي غانم أن تكون لكل رواياته آفاق أدبية أكبر من أي لغة صحفية. كان تأثر الأدباء بالعصر الجديد واضحا في التطور الذي جري علي الشعر أيضا من القصيدة العمودية إلي قصيدة التفعيلة إلي قصيدة النثر أخيرا لكن الشاعر في كل ذلك لم يتخل عن إسهامه الأول وهو تقديم صورة فنية مبتكرة. الأمر نفسه جري علي القصة القصيرة منذ المدرسة الحديثة في ثلاثينات القرن الماضي التي جعلت التخفف من الجماليات التقليدية للغة مثل الجناس والطباق وغيره أمرا ضروريا لتصل المعاني الجديدة للقارئ في الوقت الذي صارت للغة جمالياتها من منطقة أخري أولها الشكل الأدبي.

الصحافة راحت تقترب كل يوم من القارئ حتي وصلنا إلي كتابة الفضاء الإلكتروني بكل ما فيها من عشوائية لتقترب أكثر من الشرائح الجديدة للقراء الذين يمكن إجمالهم في صفة قراء التيك أواي أو الكاجوال وهذه ليست ذما، لكنه نوع من القراء ازداد جدا بحكم تغيرات كثيرة في المجتمع ليس هنا مجالها وعلي رأسها اليأس وقلة الحيلة وإجبارهم علي أن يكونوا في الهامش فراحوا من هذا الهامش يسخرون من كل شيء ولا يعطون قيمة لشيء ووجدوا أفضل مكان لهم هو المواقع والمدونات علي الإنترنت فملأوها والتفوا حولها أكثر من أي شيء وهنا وقع الضرر الكبير علي الأدب. الضرر ليس من هؤلاء الشباب الذين أتضامن معهم وإن كنت أعرف أن ما يكتبونه لن يصمد طويلا للزمن ولكن الضرر وقع ممن اعتبروا أن هذا هو الأدب بينما هو صحافة أقل من العادية وإن اختلفت قنواتها. وهكذا صارت الخواطر قصصا قصيرة وصار الحكي الفارغ رواية والضرر الذي جاء من النقاد هو الصمت. مهنتنا هي المهنة الوحيدة في الكون التي تتسع لكل التعبانين لكنها أبدا لم تتسع لكل المتشبهين بالأدباء بهذه الكثرة إلا في هذا الزمن الذي صارت فيه القراءة في دقائق هي عنوان القراءة الحقيقية والكتاب الذي ينسي بعد قراءته في الحال هو الذي تقول عنه دور النشر قصة ورواية.

للأسف انتهت الآن المشكلة الحقيقية القديمة بين الصحافة والأدب وصار عنوان الأدب المطلوب هو الصحافة السهلة دون أي مجهود يبذل في الشكل الأدبي وصياغته ولا ينتبه أحد أنه كما ينسي القارئ اليوم عدد الصحيفة أمس سينسي غدا ما قرأه اليوم أيضا حاملا عنوان الأدب وهو ليس كذلك. الأدب أيها الأدباء الذين تفعلون ذلك ليس مجرد حكايات لا تحمل إلا أخبارا عن شخص خرج ليقابل حبيبته فلم يجدها ولا شخص يقرر أن يتأخر في العودة إلي منزله فيعود مبكرا ولا شرح وتفصيل لأسباب وأهداف ما تفعله شخصيات الرواية فهذا قديم جدا والمواقف هي التي توضح الشخصية ونفسيتها. الأدب رواية أو شعرا أو قصة قصيرة بناء فني قبل أن يكون حكيا وبناء قطع فيه الأدباء تاريخا من التجديد والمعارك الأدبية وكلها كانت تدور حول البناء الفني وحول اللغة واستخدامها. انتهت معارك قديمة مثل العامية والفصحي مثلا ليكون الصدق الفني معيار اختيار أيهما في الحوار. والصدق يعني أن تقرأ الحوار فتشعر أنه ملك صاحبه وليس ملك كاتبه وأشياء كثيرة تحتاج إلي مقالات تجعل للأدب مكانه لكنها للأسف تتضاءل جدا اليوم لتصبح الكتابة أقل من الصحافة وأقرب إلي »‬التيك أواي». فكثير جدا من الكتاب يتشابهون لأنهم من مطبخ واحد هو الاستسهال في الحكي للأسف الشديد

نقلا عن الاخبار القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر الجديدة مصر الجديدة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon