بقلم - عزة كامل
ما الذى فجّر قضية تعدد الزوجات الآن وأعادها للساحة تثير كل هذا الجدل؟.. أهو الخوف من تشريع قانون أحوال شخصية جديد يعالج عوار القانون الحالى، فى إطار توجيهات السيد الرئيس بضرورة إصدار قانون عادل؟.. أهو الخوف من قانون يقيد التعدد، ويلزم الزوج بإخطار الزوجة الأولى، والتأكد من موافقتها، والتزام الزوج بالنفقة وجميع حقوق الزوجة، وفى حالة رفضها وطلب الطلاق يتم تطليقها؟.. أهو الخوف من جعل الطلاق بيد المحكمة؟.. كيف يمكن أن نتقبل تلك الإهانة للمرأة والتعامل معها كأنها وعاء لتفريغ شهوة الرجل؟.
الزواج، عماده المشاركة والرحمة بين الزوجين، وليس إعطاء حق لطرف باستخدام رخصة التعدد من أجل إفراغ شهوته، ألم يسأل دعاة التعدد أنفسهم إن كان فى ذلك ظلم وقهر وضرر مادى ونفسى للزوجة الأولى؟، وأيضا هناك نظرة دونية للزوجة الثانية باعتبارها وعاء لتفريغ الشهوة، أليس هذا تحقيرا وإذلالا لها هى الأخرى؟، ألم يعلم هؤلاء الرجال أن الزوجة الأولى لديها هى الأخرى رغبات وشهوات قائمة ومشروعة؟، فماذا تفعل إذا غاب زوجها وامتد سفره؟.. حجة السفر باتت حجة «بائسة»، وعلى هؤلاء أن يحترموا عقولنا التى مازالت سوية، وعليهم أن يرجعوا إلى شيخنا المستنير محمد عبده الذى تصدى لهذه القضية حول تعدد الزوجات، إذ قال: «تعدد الزوجات هو من العوائد القديمة التى كانت مألوفة عند ظهور الإسلام، ومنتشرة فى جميع الأنحاء، يوم كانت المرأة نوعًا خاصًا، معتبرة فى مرتبة بين الإنسان والحيوان.. وهو من ضمن العوائد التى دل الاختبار التاريخى على أنها تتبع حال المرأة فى الهيئة الاجتماعية، فتكون فى الأمة غالبة عندما تكون حالة المرأة فيها منحطة، وتقل أو تزول بالمرة عندما تكون حالتها مرتقية، وبديهى أن فى تعدد الزوجات احتقارًا شديدًا للمرأة، لأنك لا تجد امرأة ترضى أن تشاركها زوجها امرأة أخرى.. وعلى كل حال، فكل امرأة تحترم نفسها تتألم إذا رأت زوجها ارتبط بامرأة أخرى.. فإذا ارتبط بأخرى سواها قاست من الألم ما يبعثه إحساسها بأن ذلك المقام الذى كان باقيًا لها قد انهدم، ولم يعد لها أمل فى بقاء شىء من كرامتها عنده، فالألم لاصق بها على كل حال.. فلا ريبة بعد هذا أن خير ما يعمله الرجل هو انتقاء زوجة واحدة».
هكذا لخص محمد عبده التعدد، رحم الله شيخنا العظيم، وأبعد عنا شر الفتاوى التى لا يقصد منها إلا هدم الحياة الأسرية، وتفكيك روابطها.