توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صاعدون لكي يربو الأمل

  مصر اليوم -

صاعدون لكي يربو الأمل

بقلم - عزة كامل

فى هذا النهار القاسى، وبعد هدنة هزيلة، يتواصل القذف برًّا وبحرًا وجوًّا، إنها عقدة الكبت التاريخى لمذبحة النازية، «أنا الصهيونى أُقتل، إذن أنا موجود، ولابد من الإبادة الجماعية الوحشية للبرهنة على وجودى»، أذكر حديث صديقتى الفلسطينية: هنا وسط التوحش والدمار، الفلسطينيون صاعدون إلى الله، يربون الأمل، حياتنا عبء على الصهاينة.

جرح غزة أصبح ندبة عميقة فى القلب، أطفالنا لا يستحمون بالماء ولكنهم يستحمون بالقذائف والدم، يتفرقون فى رحلة التيه والشتات، يهربون من موت إلى موت، الزمن والتاريخ يتآمران علينا، لا وقت لتشييد القبور وتأثيثها، فكل أرض الوطن أصبحت قبرًا كبيرًا، لا وقت لطقوس العزاء، فالبرابرة لا يمهلون الوقت للحزن، كأن الموت يتحول إلى مادة لانفجار حياة الطغاة لتدشين مدن جديدة على أنقاض مدينتنا، يدفعوننا إلى حمل أحزاننا لنركض نحو المجهول إلى رياح المنافى، لا حضن نرتاح له، ولا صدر نبكى عليه، يريدون طردنا من المكان ومن التاريخ بلا أى حساب ولا ضمير، وكل منّا اكتنز بالرعب من انتظار الموت والدمار فى أى لحظة.

لا نعرف متى ستأتى القذيفة أو الصاروخ أو طلقة القنّاص المتربص بنا، عقارب الساعة تمضى سريعًا، لا أحد يقدر على استمهال الزمن، عقارب الزمن تمضى سريعًا، لا وقت يكفى لوداع البيوت والشوارع والأموات، وشهداؤنا صاروا أرقامًا فقط، كل شىء قيد التخمين والانتظار، لا شىء يمر أمام عيوننا إلا سيل الدم الساخن، وكأننا عابرون فى أشلاء عابرة، لا نستطيع ترميم ما انكسر من الزمان والروح، يكبر الوجع فينا، وتكبر رائحة مدننا، رائحة الحنين والمنفى والتهجير، وتختلط هذه الروائح برائحة أشجار الزعتر والمريم والليمون والبرتقال والزيتون والخبز الطازج والحليب الساخن، ويصم آذاننا أنين الأطفال المدفونة تحت الأنقاض، هؤلاء الأطفال الذين لم ينهوا طعامهم ولا لعبهم، وصراخ الأم المكلومة.

ونرهف السمع إلى صوت صراخنا، فنصرخ ولا يخرج صراخنا، وكأننا فى كابوس طال زمنه، كابوس لا نصحو منه أبدًا، يأخذنا إلى سحابة سوداء ليبتلعنا دخانها المسموم، نحاول أن نعثر على هويتنا المهددة بالفناء، وحلمنا الذى يفر منّا بعيدًا، وتختلط علينا كل التواريخ والأساطير، فنمضى إلى المجهول الغامض، ونحاول أن نعتصر الذاكرة بهشاشة المنفى، وننظر إلى المرآة الشاهدة، فلا نتعرف على أنفسنا المشتتة، نرى فقط بحيرة دماء لا يبلغ البصر مداها، ونشوة العدو من مشهد الجثث وهى ترتجف رعبًا وهلعًا من آثار الذبح، ومع ذلك يا صديقتى الحبيبة: «الفلسطينيون صاعدون إلى الله يربون الأمل».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صاعدون لكي يربو الأمل صاعدون لكي يربو الأمل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon