بقلم - عزة كامل
كثيرون مَن يدّعون أنهم عالِمون بأمور الدنيا والدين، وأعطوا لأنفسهم الحق فى تكفير الآخرين، ولم يقدموا لنا علمًا، بل قدموا أفكارًا تكفيرية وإقصائية، لذلك علينا أن نسلط الضوء على العلماء المسلمين والمسيحيين الذين لم ينشغلوا بالتكفير وترهيب البشر، بل انشغلوا بالبحث عن المعرفة وتطوير بنية العلم، وخاصة فى العصر الذهبى للإسلام، والذى يمتد من منتصف القرن الثامن إلى القرن الخامس عشر الميلادى.
ونذكر من هؤلاء الخوارزمى الذى يُعد مؤسِّس علم الجبر، وجابر بن حيان الكيميائى الذى حدد المادة الوحيدة التى يمكن أن تصهر الذهب وأول مَن استخدم التقطير باستخدام قوارير من الإنبيق، وابن النفيس جرّاح دمشق، الذى أُطلق عليه «أبوعلم وظائف الأعضاء الدموية»، وابن سينا الذى كانت له إسهامات مهمة فى الطب والفيزياء والبصريات والفلسفة، كما أنه قدم كتاب «القانون فى الطب»، الذى أصبح مرجعًا أساسيًّا فى الطب لتعليم الطلاب فى أوروبا حتى القرن السابع عشر، وناصر الدين الطوسى من العراق الذى تخصص فى الفلك والرياضيات، وحسن بن الهيثم عالِم رياضيات البصرة وهو من مؤسِّسى البصريات الحديثة، وأبوبكر الرازى رائد طب العيون واسع الثقافة فيما يخص الطب والفلسفة والكيمياء وهو أول مَن اخترع أحماضًا مثل حمض الكبريتيك، وعمر الخيام عالِم الرياضيات بنيسابور والفلكى والشاعر أيضًا، والفارابى الذى اهتم بالفلسفة السياسية والقانون والموسيقى وعلم الأخلاق وعلم الفلك والرياضيات، والإدريسى فى الجغرافيا ورسم الخرائط، والزهراوى جراح زهراء قرطبة الذى يُعتبر أحد آباء الجراحين الكبار والذى اخترع العديد من الأدوات الجراحية، ومؤسِّس علم الاجتماع الحديث وأول من تكلم عن العمران «ابن حلدون».
ولقد أسهم أيضًا المسيحيون فى الحضارة الإسلامية فى عهد الأمويين والعباسيين من خلال ترجمة أعمال الفلاسفة اليونانيين إلى السريانية، ومنهم حنين بن إسحق الذى برع فى تشريح العين، وجرجيس بن بختيشوع الذى ترجم مؤلفات كثيرة فى الطب من اليونانية إلى العربية، فقد كان للمسيحيين، خاصة السريان، من يعاقبة ونساطرة دور مهم فى العلوم والترجمة، ومنهم أيضًا إسحق الدمشقى، ويحيى بن يونس، وقسط بن لوقا، وعبدالمسيح الكندى، وأسطفان بن باسيل، وسهل بن بشر، وغيرهم الذين ترجموا وألفوا فى الفلسفة والأخلاق والطب والرياضيات والنجوم والموسيقى وغيرها من العلوم التى ملأت الدنيا كلها.
والسؤال الآن: كيف نرى هؤلاء المتعصبين، الذين يحتكرون الدين ويحولونه إلى أداة تكفير ويحاكمون بها الفكر والإبداع، من كل هؤلاء العلماء العظام، بعدما أصبح التكفير هو عقاب التفكير؟.