بقلم - عزة كامل
دعا مجلس الأمن لهدنة إنسانية في غزة بعد ٤٠ يوما من المجازر، وبعد ١١٥٠٠ شهيد منهم ٥٠٠٠ طفل، و٣٩ ألف جريح، بالإضافة إلى ٤٠٠٠ آلاف مفقود، وقد رفض الاحتلال الصهيونى هذه الدعوة بكل عجرفة وصلف.
يصعب إيجاد احتلال أكثر وحشية من الاحتلال الإسرائيلى، فمنذ السابع من أكتوبر اعتقلَ الاحتلال الإسرائيلى 2650 فلسطينيا وفلسطينية، ليصبح عدد الأسرى اليوم في سجون الاحتلال قرابة 7000 أسير وأسيرة، من ضمنهم 65 أسيرة، نحو 250 طفلًا وطفلة، و34 صحفيا و2100 معتقل إدارى.
ومن السخرية أن هذا المحتل يعتبر نفسه ضحية، وهذا ما وضعت إطاره الأيديولوجى جولدا مائير التي قالت ذات يوم: «لن نغفر أبدا للعرب أنهم أجبرونا على قتل أطفالهم، نحن الضحايا، ونحن مضطرون لقتل أطفالهم، يا لبؤسنا، باعتبارنا الضحية، والضحية المطلقة الوحيدة في التاريخ، فهذا يعطينا الحق في أن نفعل كل ما نريده، ولن يملى علينا أحد ما يجب أن نفعله لأننا الضحايا الوحيدون».
هذا الإجرام عمل على ولادة حركة تضامن واسعة، لم نشهدها من قبل، ففى أول نوفمبر شهد العالم أكبر مظاهرة تضامن مع الفلسطينيين في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، التي جمعت عشرات الآلاف، بل ٣٠٠ ألف شخص كما عنونت صحيفة هآرتس الإسرائيلية الخبر، فاضت بهم شوارع واشنطن، قبل أن يصلوا في المساء إلى أمام البيت الأبيض وهم يهتفون «الحرية لفلسطين» ويطالبون بالوقف الفورى لإطلاق النار.
إنها أهم علامات التحول في الرأى العام الأمريكى والعالمى، واتساع الإدانة لحرب الإبادة في غزة، وفى أستراليا وإسبانيا وإيطاليا ولندن وفرنسا، والعديد من دول أمريكا اللاتينية، خرجت مظاهرات حاشدة تندد بالإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، وأعلنت بوليفيا قطع علاقاتها مع إسرائيل، فيما استدعت كل من تشيلى وكولومبيا سفيريهما من إسرائيل، احتجاجا على هجومها المتواصل على غزة، سحب الأردن سفيره من إسرائيل، وقامت البحرين بطرد السفير الإسرائيلى من البحرين، واستدعاء سفيرها من تل أبيب، على الفور لإجراء مشاورات، كما قدم رئيس جنوب إفريقيا شكوى ضد الكيان الصهيونى بشأن جرائمه في غزة في المحكمة الجنائية، وقدم محام فرنسى ملفا باسم 100 منظمة من المجتمع المدنى و300 محام إلى المدعى العام في المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق بشأن الإبادة الجماعية، ومازالت الحكومات الغربية تبرر للاحتلال جرائمه واقتحام المستشفيات، وإتلاف الأجهزة الطبية، والتسبب في موت المرضى، تحت ما يسمى بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.