توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

باقون على هذه الأرض

  مصر اليوم -

باقون على هذه الأرض

بقلم - عزة كامل

يا شجرة الزيتون العظيمة، الريح الشمالية العاتية تتهاوى بين أغصانك، وجذورك الأصيلة متشعبة فى الأرض الجليلة، وشاهدة على كل الجرائم، تأنين فى صمت، وتشمخين بكبرياء، تجتازين الأيام والأزمان، تتعاقب الأجيال مبهورة بصمودك فى مهب الريح، عذبة تلك الحكايات التى تختزنها جذوعك، عندما تهب الريح العاتية تصبحين الرمز والأسطورة، تحتفظين بهدوء غامض، يقبع تحت أحزمة من اللهب الكامن، أيتها الشجرة التى تفيض قوة ونبالة عالقة بين انجذابها نحو الأرض وشموخها نحو السماء، تظهرين حكمتك، وتهمسين بحفيفك الناعم، تملئين ما حولك بأمل خالد، تقدمين ثمارك المشتهاة التى تصنع البهجة.

أيتها الملكة غير المتوجة، تحت جذعك يولد الأطفال كبارا، يدعسون ثمارك بأقدامهم الصغيرة، ويلهون، ويطلقون الضحكات، وأنت تسكبين لهم حبا ينعش الروح وتسردين حكايات الأجداد لتجعل الأرض تنتفض تحت أقدامهم وتغزلين بمهارة فائقة شباك حب الوطن، وصوت سريان نسغك يهددهم كاسرا الأصفاد القديمة، ويجعلهم متحررين من كل خوف، وفى الليل عندما تهب نسائم العشق على أغصانك، تنسجين قصص عشق لها رائحة زيتونك الخالد.

منذ ألف ألف عام والريح توشوش الفضاء من حولك، وأنت بشموخك تصرخين فى وجهها: هذه أرضى، أرض فلسطين العفية، وهؤلاء أطفالى، وهنا عاش ومات أجدادى الأوائل)، وتطلقين زفيرك المفعم برائحة الحياة والحب.

الآن أيتها الشجرة الجليلة أصبح الجو مفعما برائحة القتل والرعب، والحليب الذى اختلط بالدم فى بيت الله، إنه الجحيم الذى نزل على أرضك ونثر الموت نثرا فوضويا، وأنت الآن تقشعرين غضبا، فلقد توقف يسوع عن السير وإعطاء بلسمه الشافى، بينما السماء تمطر قنابل ورشاشات، وتقهقه الشياطين وهى تنفث دخانها الأسود، وأطفالك يتساءلون: لماذا امتلأ وجه القمر بالذئاب؟، لماذا اختزل العالم إلى كتلة من التوحش والابتذال والكذب؟، إنها لعنة الزمن وإبادة فاقت كل من سبقها.

يا شجرة الزيتون الحزينة: من يستطيع أن يعيد لك روحك العظيمة، وقصص العشق، والأغانى والسحر اللذين ينسابان من حكايات الناس والطير والحجر؟، من يستطيع أن يوقف تلك الريح المجنونة الممتلئة بنثار الشر والتوحش؟، وجعلت كل شىء يكتسى بوشاح الموت الأسود، والسماء محملة بالخوف، والضباب احتشد مبددا الدعاء الذى يصل إلى روح الأشياء، والأطفال والكبار والشيوخ يهرولون من حولك يبحثون عن أصواتهم وملامحهم وهوياتهم، الأطفال يا شجرة البقاء لم يعودوا أطفالا للأرض بل صاروا أبناء للسماء، والعشب البرى الأخضر اكتسى بلون الدم، تأتى الإجابة منك أسمعها بقوة: باقون على هذه الأرض الطيبة، باقون إلى يوم الدين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

باقون على هذه الأرض باقون على هذه الأرض



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon