بقلم - عزة كامل
الفلسطينيون هم أصحاب الحق الشرعى في أراضيهم، والذين يرددون أن الفلسطينيين باعوا أرضهم هم فاقدوا الضمائر، وعلينا أن نذكرهم أن الفلسطينيين تعرضوا للتهجير القسرى وقتل الآلاف في المذابح والمجازر التي نفذتها العصابات الصهيونية، وكذلك على يد جيش الاحتلال والمستوطنين اليهود.
الفلسطينيون قتلوا من قبل النكبة في مجزرة حيفا، القدس، يافا، ومن بعد النكبة، بداية من دير ياسين وصولًا لمجازر جنين ومستشفى المعمدانى في أكتوبر الأخير، الذي راح ضحيته خمسمائة شهيد وآلاف الجرحى، وعائلات بالكامل تم قتلها، ومازالت المستشفيات تقصف والبيوت تهدم، كل ذلك من أجل إجبار الفلسطينيين على ترك وطنهم وتكريس سياسة إسرائيل الاستيطانية القائمة على طرد الشعب الفلسطينى.
لم يبع الفلسطينيون أرضًا، بل تحالف العالم ضدهم، وأصبح تحقيق الأمن الدولى وأمن إسرائيل مشروطًا بقتل وتهجير الفلسطينيين الأبرياء، الفلسطينيون المحاصرون الذين يقتلون كل ثانية وعليهم أن ينتظروا أن يتصدق عليهم العالم بالخبز والأكفان.
ألا يتساءل أصحاب الخطب الحماسية ودعاة الأمن الدولى: لماذا يدفع الفلسطينيون ثمنًا لضحايا النازية الذين تتاجر بهم إسرائيل؟، وتجنى من خلفهم المال والسلاح وحق إبادة شعب يدافع عن أرضه؟، أليست إسرائيل نازية في ثوبها الأبشع؟، لماذا يدفع الفلسطينيون ثمنًا لجرائم لم يرتكبوها؟، لماذا تمحى أسماء القرى الفلسطينية وتستبدل بأسماء عبرية؟، هل نسيتم أن الأطفال الفلسطينيين يولدون ويحملون ذاكرة خمس وسبعين سنة من الاحتلال، أطفال تضع أمهاتهم تحت وسائدهم مفاتيح بيوت أجدادهم القديمة في كل ربوع فلسطين التي احتلها الصهاينة، وعندما يكبرون، يلقنونهم أسماء القرى التي استبدلوها بأخرى عبرية، وأنهم ولدوا في قلب عالم ظالم ومغتصب، عالم دهس حقوق الإنسان بجنازير الدبابات ودانات الصواريخ والقنابل، وكأن الاستشهاد والموت أصبحا مهنة الفلسطينيين.
هذه الحرب هي الحرب الفاضحة والوحشية، لأنها فضحت كل من تخاذل ومن دعم الاحتلال، وتخلى عن شرف المعركة، لقد أعادت المقاومة الفلسطينية الذاكرة إلى العالم، الذاكرة التي حاولوا أن يطموسها بضراوة مدججين بخمسة وسبعين عامًا من المجازر والتهجير والغضب والانفجار.
نعم الجروح تتراكم، والأشلاء تتكوم، والجثامين تتكاثر لتصبح طلقة تهز ضمير الشعوب المخدرة، طلقة تفقد العدو ثوابه، وسيظل الفلسطينيون يحملون الوطن على ظهورهم، وسيظل الأطفال المحاصرون المخضبة وجوهم بالدماء، والمتخمة أجسادهم بشظايا القنابل هم صوت فلسطين الحر، هم العطر المر الذي يسلب الاحتلال حاسة الشم وحاسة العقل، فالوطن أكبر من المذابح ومن القصف، وأشجار الزيتون الباسقة، والعشب والصخر يفوح منها عرق الجدود.