توقيت القاهرة المحلي 06:46:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بيت الأشباح

  مصر اليوم -

بيت الأشباح

بقلم:عزة كامل

ذات يوم عند شفق الغروب وقفت «رحيل» أمام البيت الكبير والمهجور، وقد تساقط طلاؤه، وانتشرت الحشرات الميتة حول نوافذه، غامت عيناها من فرط الحزن، وشعرت بجفاف فى حلقها، ورطوبة تسرى فى كفى يديها، راحت تنادى على من كانوا يسكنون هذا البيت، جيلًا بعد جيل، ولم تسمع مجيبًا، فقط أزعجتها أصوات حيوانات، غمرها شعور بالخوف، أغمضت عينيها، حاولت استرجاع ذكرياتها مع هذا البيت عندما كان مزدحمًا بأصحابه من الكبار والصغار، سرعان ما عادت إلى الواقع، ونظرت للبيت مرة أخرى، فصدمتها وحشته وعزلته، وظل الصراع محتدمًا داخلها بين الماضى والحاضر، الأشجار من حولها قاتمة، وترسل تحتها ظلالًا، والسجاد أشد قتامة، شعرت بقوى خفية شريرة تسكن البيت، وتجعله بؤرة للشر، وسوء الطالع، لقد عاش هذا البيت أكثر من مائة عام، مائة منهم غمر البيت كل من فيه بالحب والسعادة، وخمسة كانت جحيمًا بعد الأحداث المرعبة التى وقعت فى البيت.

كان البيت مكونًا من ثلاثة طوابق، بنيت على الطراز الفيكتورى المميز بهندسته المعمارية الأنيقة، وألوانه الغنية، وزخارفه الفاخرة، وزجاجه الملون، وأسقفه العالية، وألوانه الداكنة ما بين البنى والأحمر والأخضر الفخم، غرفه واسعة، وأرضيته خشبية مزخرفة، وذات سقف مرتفع، كانت جدتها تشغل الطابق الأول بغرفه الواسعة والمريحة، ويشغل أبوها وعمها الطابق الثانى، أما الطابق الأخير فتشغله عمتها فائقة الجمال، والتى حرمت من الزواج بعد قصة حب عنيفة مع ابن البستانى الفقير، الذى كان مسؤولًا عن حديقة البيت، وعندما علم الجد بذلك حبسها فى هذا الطابق الأخير من البيت، فهاجمتها نوبات عصبية، وكادت تحرق البيت فى إحدى هذه النوبات، فاضطروا لحبسها فى إحدى الغرف.

فى اليوم التالى وجدوها ملقاة على الأرض جثة مهشمة ملطخة بالدماء، فقد ألقت نفسها من نافذة الغرفة، ولم تصمد جدتها طويلًا بعد انتحارالعمة، فقد وجدوها غارقة فى البانيو، وبعد عام من رحيل الجدة وجدوا ابن عمها الكبير البالغ من العمر ستة عشرة عاما مشنوقًا فى غرفة نومه، وبعدها هاجر العم مع بقية أطفاله إلى أستراليا، أما أبوها فقد قرر أن يترك ذلك البيت الملعون، الباعث على الشؤم، وذهب إلى مدينة أخرى.

منذ ذلك الوقت غطت النباتات المتسلقة الطوابق كلها، واخترقت النوافذ، واستولى الجيران على الأثاث واللوحات والستائر، باعتباره البيت المهجور، وأطلقوا عليه «بيت الأشباح»، وأقسموا أنهم يرون شبح العمة المنتحرة، والجدة، وابن العم يحومون حول البيت ليلًا، ويسمعون صراخهم طوال الليل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بيت الأشباح بيت الأشباح



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon