توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يوم تخليتم عنّا!

  مصر اليوم -

يوم تخليتم عنّا

بقلم - عزة كامل

كنت طفلة تعشق القمر والحكايات العجيبة والمدهشة، ويرفرف قلبها لأشواق العصافير الحرة المهاجرة، تتأثر بالضحكات الحلوة من أصدقاء الطفولة، وتستغرقها سعاداتهم المختلفة، وذات ليلة أثقل جفنى الخدر، وشعرت أننى أسامر أطياف الليل، وخُيل لى أننى رأيت امرأة مسحورة كجنيات حكايات ألف ليلة وليلة تفرد جدائل شعرها الغزير بطول النهر، ثم تعرض محاسن جسمها العارى للريح أمامى دون أى تحفظ، وتغوى صبية ينشدون أغنية النار، وعندما اقتربوا منها أخذتهم إلى قاع النهر فجأة.

جريت أصرخ عبر دروب الليل العميقة غائمة العينين، ورحت أطرق الأبواب المغلقة، فلم تستجب لصراخى إلا كلاب الشارع، فأخذ خوفى ينتشر فى عروق الأرض التى انشقت عن صبى صغير يلوح لى بمنديله الممزق، وبجواره حجر أسود نُقشت فوقه حروف مبعثرة: «أبحر أيها القلب الممزق، أبحر مع كل القلوب الممزقة، فالأحلام معتمة، والقلوب من خشب، والعقول من حجر».

الطفل كان يتلعثم، فحاولت أن أقرأ شفاهه: «قُتلنا يوم تخليتم عنّا، وحين زغردتم على جثة الشهيد، وأقمتم ليالى الفرح المكذوب، وحين غابت فى جدار الصمت كلمة حق، وحين حفرتم على المرايا وجوه القياصرة والنخاسين والقتلة، وعندما تركتمونا لتكبر أحزاننا، وتكبر جروحنا، وتجف أصواتنا وتتحجر، وسمحتم لوجه الباطل أن يكبر أيضًا، فأصبحنا مجرد أوراق تتلاعب بها الريح، وأصبحت حكمتكم مثل الحقيقة العارية».

وقفت أمام الصبى وقلت له: أيها الصبى الممزق: أوجعنى أن يُسفح دم الأطفال فى فلسطين، وأحزننى أن أشهد النساء يصرخن على فلذات أكبادهن، أحزننى الصمت الذى لاذ به الجبناء، وتخلّوا عنكم، أحزننى أن أرى الجوع يبقر البطون، وأن أرى أرض فلسطين صارت مأوى للغزاة الطغاة، والفلسطينيين يمشون على الشوك فى ألم أبدى، لم تنقذهم سفينة نوح، ولا دموع وصبر أيوب، يغرقون ولم تبصر أعينهم شاطئًا ولا مرفأ، وضاع صراخهم الصاعد فى البرية عبر المدى، فقال لى: كلامك لغو، ومجرد أقوال تنعى حظنا العاثر التعيس، فشعرت بقلبى يغمغم، ويذوى مثل أوراق الخريف التى تتساقط وحدها، والضوء من حولى كان خافتًا وشحيحًا، ققلت له: لا أملك إلا الكلام الذى يتحول إلى صرخات، لعلها تقلق مضاجع السفهاء، وتبدد الوحشة، وتكشف كذب الكهان الذين يُلبسون الكذب ثوب الصدق، أجفلت عيناى الصبى، وتركنى وجسده يلفه الغيم والضباب، وفجأة انشق الفضاء عن طائر يحلق ومن خلفه سحابة تضىء، غمرتنى حفنة من صفاء روت قلبى وغسلت روحى، واندفع النهار مبددًا عتمة الليل، ويمد حبلًا من أمنيات وأمل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوم تخليتم عنّا يوم تخليتم عنّا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon