توقيت القاهرة المحلي 18:47:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

امرأة وحيدة وطيور محلقة

  مصر اليوم -

امرأة وحيدة وطيور محلقة

بقلم:عزة كامل

بسرعة تمضى الأيام بين جدران أسمنتية، حجرة النوم، صالة الطعام، حجرة المعيشة ذات الأبواب الرمادية بانعكاساتها بالغة الشحوب، أتمنى أن تكون الأيام المتبقية خفيفة رحيمة بى، فالحواس مشتتة ومحاطة بالسأم والتبلد المحض، صدرى يحترق، والغضب يشتعل فى عينى، أريد تمزيق المتبلدين الذين لا يحسون بشىء، هؤلاء الكائنات من حجر، المدينة تلتهم أبناءها، وتجعل كل شىء حى يذوب ويتلاشى، ويبقى فقط الكاذبون، المنافقون، الخادعون، الذين يحولون كل ما حولهم إلى أشياء عفنة.

دوامة مظلمة تجعل الحياة عاجزة عن صنع الجمال والطيبة، الأشرار يجثمون على الأفئدة، دوامة ينصهر فيها الشقاء بالوحل بالجنون بألوان الفجور، إلى أين نحن نسير؟!، بأى خطأ استحققت هشاشتى الحالية؟، لقد حاولت دون جدوى ابتكار حياة جديدة وصبر لا نهائى، ذلك هو لسان حال المرأة ذات العينيين الرماديتين، والركبتين المتصالبتين، وحيدة لا أخوات لها، ولا أقارب، ولا أصدقاء، تتمدد على فراش فقير فى ليلة حالكة السواد، يخطفها الحلم، ترى نفسها هاربة بين صرخات الأطفال وعواء الكلاب ومطاردة المتسولين وصهيل الأحصنة.

قبل أن يبزغ ضوء النهار فتحت النافذة وأخذت تعب من الهواء النقى، تطلعت إلى السماء، فرأت كتل السحاب تتجمع، وتشكل منظرا بديعا مع مرور سرب من الطيور تعلو وتهبط فى دوائر متقاطعة، بحركة لا إرادية مسحت العجوز يدها فى سروالها، شعرت تقلصا فى فكها الأيمن تمنت أن يأتى من يملس على وجهها ليفك هذا التقلص، مشت تتلفت حولها، باحثة عن هذا الساحر الذى يشفيها، ثم رجعت تحدث نفسها بصوت مفعم بأسى عميق:

(كم أنا وحيدة، أريد أن أصرخ، ولكن أى صراخ ينبغى أن أطلق؟)، بدأت أضواء النهار تعلن عن وجودها، وأقبل طائر ملون من الطيور المحلقة، ووقف على إفريز النافذة وأخذ ينقره، وما لبث أن هبط ببطء عدد من الطيور، وأخذوا ينقرون ليشكلوا سيمفونية معا، أسرعت العجوز، وأحضرت بعض الحبوب ووضعتها على الإفريز، فى ثوان كان هناك عدد لا يحصى من الطيور تلتقط الحبوب.

أوشك نور النهار أن يكتمل، ولمعت فى عينيها دهشة مفاجئة عندما انصرفت الطيور معا مرة واحدة، وحلقت فى تشكيل هندسى بديع، وابتعدت، تنهدت المرأة وقالت فى صوت هامس: ما أروع الحرية، بل ما أروع الإحساس بالحرية، وهرولت إلى الداخل وعادت ممسكة بقفص مطلى باللون الأزرق وفيه عصفوران جميلان من الكناريا، اقتربت من النافذة، فتحت باب القفص وانطلق العصفوران يحلقان بقوة وسط ترديدها حرية.. حرية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

امرأة وحيدة وطيور محلقة امرأة وحيدة وطيور محلقة



GMT 03:46 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بائع الفستق

GMT 03:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

على هامش سؤال «النظام» و «المجتمع» في سوريّا

GMT 03:42 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

دمشق... مصافحات ومصارحات

GMT 03:39 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

السعودية وسوريا... التاريخ والواقع

GMT 03:37 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

ورقة «الأقليات» في سوريا... ما لها وما عليها

GMT 03:35 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

امتحانات ترمب الصعبة

GMT 03:33 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تجربة بريطانية مثيرة للجدل في أوساط التعليم

GMT 03:29 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

موسم الكرز

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 13:18 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور
  مصر اليوم - تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon