توقيت القاهرة المحلي 20:18:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

امرأة وحيدة وطيور محلقة

  مصر اليوم -

امرأة وحيدة وطيور محلقة

بقلم:عزة كامل

بسرعة تمضى الأيام بين جدران أسمنتية، حجرة النوم، صالة الطعام، حجرة المعيشة ذات الأبواب الرمادية بانعكاساتها بالغة الشحوب، أتمنى أن تكون الأيام المتبقية خفيفة رحيمة بى، فالحواس مشتتة ومحاطة بالسأم والتبلد المحض، صدرى يحترق، والغضب يشتعل فى عينى، أريد تمزيق المتبلدين الذين لا يحسون بشىء، هؤلاء الكائنات من حجر، المدينة تلتهم أبناءها، وتجعل كل شىء حى يذوب ويتلاشى، ويبقى فقط الكاذبون، المنافقون، الخادعون، الذين يحولون كل ما حولهم إلى أشياء عفنة.

دوامة مظلمة تجعل الحياة عاجزة عن صنع الجمال والطيبة، الأشرار يجثمون على الأفئدة، دوامة ينصهر فيها الشقاء بالوحل بالجنون بألوان الفجور، إلى أين نحن نسير؟!، بأى خطأ استحققت هشاشتى الحالية؟، لقد حاولت دون جدوى ابتكار حياة جديدة وصبر لا نهائى، ذلك هو لسان حال المرأة ذات العينيين الرماديتين، والركبتين المتصالبتين، وحيدة لا أخوات لها، ولا أقارب، ولا أصدقاء، تتمدد على فراش فقير فى ليلة حالكة السواد، يخطفها الحلم، ترى نفسها هاربة بين صرخات الأطفال وعواء الكلاب ومطاردة المتسولين وصهيل الأحصنة.

قبل أن يبزغ ضوء النهار فتحت النافذة وأخذت تعب من الهواء النقى، تطلعت إلى السماء، فرأت كتل السحاب تتجمع، وتشكل منظرا بديعا مع مرور سرب من الطيور تعلو وتهبط فى دوائر متقاطعة، بحركة لا إرادية مسحت العجوز يدها فى سروالها، شعرت تقلصا فى فكها الأيمن تمنت أن يأتى من يملس على وجهها ليفك هذا التقلص، مشت تتلفت حولها، باحثة عن هذا الساحر الذى يشفيها، ثم رجعت تحدث نفسها بصوت مفعم بأسى عميق:

(كم أنا وحيدة، أريد أن أصرخ، ولكن أى صراخ ينبغى أن أطلق؟)، بدأت أضواء النهار تعلن عن وجودها، وأقبل طائر ملون من الطيور المحلقة، ووقف على إفريز النافذة وأخذ ينقره، وما لبث أن هبط ببطء عدد من الطيور، وأخذوا ينقرون ليشكلوا سيمفونية معا، أسرعت العجوز، وأحضرت بعض الحبوب ووضعتها على الإفريز، فى ثوان كان هناك عدد لا يحصى من الطيور تلتقط الحبوب.

أوشك نور النهار أن يكتمل، ولمعت فى عينيها دهشة مفاجئة عندما انصرفت الطيور معا مرة واحدة، وحلقت فى تشكيل هندسى بديع، وابتعدت، تنهدت المرأة وقالت فى صوت هامس: ما أروع الحرية، بل ما أروع الإحساس بالحرية، وهرولت إلى الداخل وعادت ممسكة بقفص مطلى باللون الأزرق وفيه عصفوران جميلان من الكناريا، اقتربت من النافذة، فتحت باب القفص وانطلق العصفوران يحلقان بقوة وسط ترديدها حرية.. حرية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

امرأة وحيدة وطيور محلقة امرأة وحيدة وطيور محلقة



GMT 20:18 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مع ابن بجاد حول الفلسفة والحضارة

GMT 19:52 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

هل نحتاج حزبا جديدا؟

GMT 09:08 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

7 فرق و11 لاعبًا نجوم البريمييرليج!

GMT 08:51 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 08:49 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

دمامة الشقيقة

GMT 08:48 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة

GMT 08:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

هجمات رأس السنة الإرهابية... ما الرسالة؟

GMT 08:46 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط الجديد: الفيل في الغرفة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 18:02 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
  مصر اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم الدشاش

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 06:04 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 14:18 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!

GMT 21:19 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تربح 7.4 مليارات جنيه ومؤشرها الرئيس يقفز 1.26%

GMT 21:48 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon