توقيت القاهرة المحلي 15:41:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليحلّ عالم نتمتع فيه بإنسانيتنا

  مصر اليوم -

ليحلّ عالم نتمتع فيه بإنسانيتنا

بقلم - عزة كامل

فى دهاليز عقلى حفيف أوراق تالفة فى مهب الريح، وقلوب تحطمت فى منعطف الطرق وانكسرت هامتها الشامخة، أجسادها محاصرة فى محيط الكراهية والوحشية، وأجساد مطاطة تتوجع، تبحث عن صرخاتها وذكرياتها وخطواتها التى كانت هنا، الخطوات التى تبحث عن الضوء فيباغتها الظلام، تمر السنون عليها كالسحاب المغبر، فتلقى فى القلوب ظلال حزن يفتت الذاكرة، ويطلق شبح الآلام التى يغلفها القدر الأسود، ذلك القدر الظالم والمتآمر، الذى لا يكترث بشكوى المظلوم، ولا يتأسى لوحشية أفعاله.

فى الأرض المظلمة لا يظهر أى شىء يضىء العتمة الكثيفة والمرعبة، فالليل يمتد لمائة ألف عام تحت عمق لا نهائى، يثقل عليه الطين، يبلغ الأحياء والأموات، والأصوات الحكيمة تتفتت وتصبح صماء تحت الحمل الدموى، القسوة توقف القلب، وتتبعها طقوس بشعة تجعل السماء حمراء بدم المذبحة، غرور وحقد تكوّن من اللهب، يجعلان الحياة حلما شديد القسوة، حلما ملونا بالدموع والصرخات الضائعة الحائرة، الموت يصعد من بخار الماء والدخان المرعب الكثيف، والشرر يتطاير، وتثرثر الأفواه الفارغة لمهاترات أمان العالم الذى يرتعش تحته جسد الفريسة.

مات العالم عندما فتنته صورته المنعكسة على صفحة الماء المخضب بالدماء، التى يتلألأ عليها ضوء قمر غادر يتآمر مع العقول الشريرة والمستبدة، ماذا ننتظر منه غير فتنة أنانية مفرطة، ومزيد من التعطش لسفك الدماء، وتماهٍ مع قدر مشؤوم، وشيطان أعظم ينفث غلا فاحشا.

عالم تحول إلى جوقة من الفوضى والعنف والبلاهة المتعجرفة، عالم يمارس طقوسا بشعة لحناجر خشنة تلهث تحت أجساد مهزومة، وعلى المذبح تضم بين قبضتى يديها أحشاء حية، هذا العالم المفتون بنرجسيته وغروره وصلفه وتعسفه وسلطة التعذيب والتملك، يرقص على الضحك المر الذى تخلفه النكبات، وينتشى بطقطقة العظام التى تفجر صرخاتها الفضاء، وتحت وطأة عواصف الإبادة تضيع مناجاة الضحية لربها. الحياة للبعض ترفيه وصيحة متعة وطعام فاخر، وللبعض الآخر صرخة موت، لا كسرة خبز، ولا رشفة ماء تطفئ العطش، إنه الفعل الدموى للعالم المتحضر، الذى يعيد ترتيب الحياة ترتيبا كاملا، بنفايات الشعارات الملتوية الخادعة، وتتحول أخبار الضحايا إلى كلمة على هوامش صفحات الجرائد والمجلات، وخبر سريع على كافة وسائل الاتصال الاجتماعى، لا يشعر أحد بفداحة الجرم، إنه الجحيم العظيم، وعنفوان السخط ووحشية اللعنات، وسط دوامة من الأفكار والصور والرؤى لمحترفى القتل والمجازر وانتهاك المحرمات، أيها العالم المفتون بنفسك، أيها العالم فليذهب كل غرورك ووحشيتك إلى بئر لا قرار له، وليحل محلك عالم نتمتع فيه بإنسانيتنا العادلة، لا نرجسيتنا الظالمة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليحلّ عالم نتمتع فيه بإنسانيتنا ليحلّ عالم نتمتع فيه بإنسانيتنا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

ميس حمدان تصرح الظهور كضيفة شرف لا ينتقص من مكانتي الفنية
  مصر اليوم - ميس حمدان تصرح الظهور كضيفة شرف لا ينتقص من مكانتي الفنية

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 13:37 2020 الأحد ,24 أيار / مايو

الفيفا يهدد الرجاء المغربي بعقوبة قاسية

GMT 12:48 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 19 مايو

GMT 16:51 2020 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

إصابة طبيب رافق بوتين في جولة "فيروس كورونا"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon