توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا يتآمر الزمن والتاريخ؟

  مصر اليوم -

لماذا يتآمر الزمن والتاريخ

بقلم:عزة كامل

  بينما الفجر ينشر روائحه الرطبة، وكانت أذيال ردائه الأسود تتطاير وتلفح وجهه، واصل السير وهو يتكلم بصوت هامس: لماذا كل هذا الشر؟ لماذا كل هذا القبح؟ لماذا؟ لماذا؟، تلاقت عينانا، تساءلت: هل هذا حديث هاتفى أم هو يتحدث عن نفسه؟ من فرط ما التبس علىّ الأمر، سرت خلفه، أرهفت السمع، كان يمشى بخطوات منتظمة ويواصل الحديث مع نفسه، وأخذ صوته يتدرج من الهمس إلى الصراخ: لماذا كل هذا التوحش؟ لماذا كل هذا الدمار والحصار؟ لماذا الحرائق فى كل مكان؟ يا الله: ارحم الأطفال، صراخهم المؤلم فى كل مكان، ارحمهم برحمتك، اقشعر صوتى من صرخته الجبارة، وهزتنى موجة من القلق العاصف.

أتأمل السماء وما تبقى فيها من غيم، أتماهى مع الأزرق والرمادى، أمشى على غير هدى، خُيل لى أن صوتا آخر يهمس لى: هل ضمدت جرحك؟ هل تعافيت من وخزات الشوك؟ هل مازالت حياتك قيد التأليف؟ القبح يزداد كل يوم اتساعا كحزنك، ماذا ستفعل؟ هل قهرت الألم حقا، أم قهرك؟.

يرتفع الصوت شيئا فشيئا ويصبح كالذيل؟ لماذا يتآمر الزمن والتاريخ علينا؟، هذا ما تبقى من كلام تفر منه المفردات والألفة، هذا ما تبقى من كلام الخاسرين، ومن الحزن، من نزيف الجرح ومن هوية قيد التأليف، أشعر بقدمى تسير على أرض صخرية لدرب قاسٍ وحيد، تحاول أن تثبت خطواتها حتى لا تنزلق، فجأة صمت الصوت، توقف عن الحديث تماما، وكان صمته المريب بثقل الحجر على قلبى، أصابنى الهلع، أسرعت خطوتى لأسبقه، وعندما التفت لم أجده، الشبح ولى حاملا معه غضبه وصراخه، وضبطت نفسى أكلم نفسى كما لو كنت غيرى، وحدقت إلى الغيوم وإلى هذا الفضاء الموحش، حدقت إلى هذا السراب الخادع، هل كل ما رأيته كان وهما، أم كان شبح رجل محبط ومات من الوحدة، وظهر لى يراوغنى ويغافلنى ويسخر منى باستهزاء؟ أم من فرط وحدتى أتخيل ظلى رفيقى ونباح الكلاب أصوات الأصدقاء، كل شىء يأخذ حصته منى، متى تنقشع العتمة ويجد القلب المتعب استراحة من هذا الكابوس؟ متى تداعب روحى يد حنونة تجعلنى مطمئنة، متى ترسو تلك السفينة المتعبة على مرفأ آمن؟ متى يرحل الخوف القديم الضارب بعيدا فى الزمن ويرفع عنا بؤسه الثقيل الخفى، يرفع عنا مساءاته الكئيبة والغامضة وهواءه الملوث، متى نستعيد الاستمتاع بصوت حفيف الشجر المورق الذى يدغدغ الحواس ويملؤنا بحيوية خارقة تتحدى الزمن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا يتآمر الزمن والتاريخ لماذا يتآمر الزمن والتاريخ



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon