توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأوصياء يتكاثرون علينا

  مصر اليوم -

الأوصياء يتكاثرون علينا

بقلم:عزة كامل

فى آخر الليل هاتفت صديقتى فى بيروت للاطمئنان عليها، قالت لى: «أنا بخير، اطمئنى، جسدى بخير، ولكن روحى عاطبة لا تجيد قراءة هذا الواقع، كل ما أعرفه أننا منفيون فى وطننا أو ضيوف عليه، الموت يحلق فوقنا، جف الكلام، وخرس اللسان، وفرت الشوارع التى كانت تحملنا، ولم يبق إلا النفق المظلم، وأصبح الخوف نديما، والوجع رفيقا، والدم يمشى فوق الغمام».

ساد صمت للحظات بيننا، وسألتنى وماذا عنك صديقتى؟، قلت لها: «رأسى ثقيل وثمل كأنما أقضى الليل كله فى غابة مظلمة، محاطة بأصوات عواء الذئاب، وفحيح الثعابين، ونعيق الغربان، بعدما تخلى عنى رفاق الرحلة، شىء ما يتحرك فى صدرى وينثر تلك المرارة، ثم يصعد إلى حلقى كالغثاء، أرتعش كالمحمومة، أتجمد خوفا، أسمع صوتَ مخنوقٍ، جسدى كله يرتجف، فالسماء سوداء باكية، لا أحد يجرؤ على إيقاف شلال دموعها، وأنا أنظر إليها، تجيش فى صدرى كل الأحاسيس الموحشة بالحنق والكراهية والمهانة والخجل والغل والسخرية والمرارة، إنه طوفان قبيح كالرذيلة، كعروس هزلت وشاخت قبل عرسها، أو امرأة حفرت الأيام على قلبها الكثير من الخيبات، وحيدة كالعصا الضعيفة فى مواجهة ريح عاصف، فوضى واضطراب، خليط بائس متنافر فى وسط هذا الخواء والظلام البارد الصارم، رأسى يكاد ينفجر، هذه هى مشاعرى وحالتى الآن يا صديقتى».

أنظر إلى السماء المظلمة، أريد الصراخ بكل قوتى ضد ذلك الظلم، ولكن صوتى المبحوح يمنعنى، العالم حفرة سوداء صماء، ليس هناك إلا الهذيان والخداع ومن يلعبون أدوار المهرجين والمفسدين وتزوير الحقائق، كرهت الأوجه الباكية والحزن والأنين والنحيب عويل الأرامل والثكالى، وذلك الابتذال المأساوى القذر الذى يحيط به كل حقارات الحياة، ابتذال يتغلغل بقسوة فى عقولنا ودمائنا، يمثل امتهانا حقيرا لكل ماهو إنسانى طبيعى، ينشر فحيحه الكريه، وينفث سمومه فى الدنيا كلها، كابوس شيطانى أرعن، الحرب، الحرب، الخراب والدمار، صورة بائسة باهتة للمآسى الكارثية، رغم أننا نوهم أنفسنا بأن «القادم أحسن وأفضل، ستتحسن الأحوال وستتحقق الأحلام»، ولكن القادم نراه يضيع، وتسرق منا أحلامنا وأصواتنا وأرضنا وتاريخنا وهويتنا، ولا تبقى إلا الأساطير والتراجيديا المكررة، ما بين البحر والصحراء الموحشة، وحروب السماء الشرسة، وأرواح مدججة بالغضب وأجساد قابلة للانفجار، ونمتهن الموت، ويصبح الأحياء محرومين تماما من أراضيهم وسمائهم، والموتى محرمين من أن يدفنوا فى قبورهم، اللحم العربى يتشظى بتفاقم، والأوصياء يتكاثرون، والجبناء يوقعون على صك البيع والمبيعة والإبادة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأوصياء يتكاثرون علينا الأوصياء يتكاثرون علينا



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon