بقلم:عزة كامل
بمناسبة الجدل الدائر الآن حول مسلسل «الحشاشين»، سأحاول أن ألقى الضوء فى السطور التالية على هذه الحركة السرية التى شهدها العالم الإسلامى فى فترة من تاريخه، إذ ولد «حسن الصباح» عام 1037م فى مدينة «قم»، من أب ينتمى إلى «الشيعة الاثنى عشرية»، وعندما بلغ السابعة عشرة قرر اعتناق المذهب الإسماعيلى، وعمل ببلاط السلاجقة كمستشار إدارى عند السلطان ملكشاه، مما أوغر صدر الوزير نظام الملك عليه، وكان ذلك بداية الصدام بينه وبين الحسن الصباحى، وتآمر عليه وأخرجه من البلاط، فتوجه إلى القاهرة خوفا من بطش السلطة، وأعلن ولاءه للإمام المستنصر، فأخبره المستنصر بأن الإمامة ستذهب لابنه نزار من بعده. وأكرمه المستنصر وأمره بأن يدعو الناس إلى إمامته، وقد كان بدر الجمالى، القابض على شؤون الحكم فى مصر، يحبذ تعيين المستعلى، الأخ الأصغر لنزار، فغضب بدر الجمالى وعمل على سجن الحسن، وطرده من مصر إلى المغرب العربى عن طريق البحر، فواصل رحلته إلى أصفهان، واستمر تسع سنوات بعد رحيله من مصر يمارس الدعوة، وكان هو وأنصاره لديهم الاستعداد لفعل أى شىء لتأمين أنفسهم، وصدرت الأوامر بتتبعهم، مما دفع الحسن للتفكير الجدى فى الحصول على مأوى آمن منيع يحميه هو وأتباعه.
وقرر الاستيلاء على قلعة «ألموت»، التى تقع على صخرة ترتفع 10200 قدم فوق سطح البحر فى أقصر وأوعر طريق بين شواطئ بحر قزوين ومرتفعات فارس، وقد تمكن الصباح من إخراج صاحبها منها بعد أن أعطاه ثمن القلعة، وفزع السلطان ملكشاه من ذلك الأمر، فبعث الملك رسالة للحسن يفاوضه على ترك القلعة فورا، فرد عليه بالرفض، وطمأنه بأنه لن يخرج عن طاعته.
وأخذ الحسن يواصل جهوده لنشر الدعوة، واستولى على عدة قلاع وحصون فى جنوب غرب إيران.. وفى ضوء هذا الانتشار السريع للدعوة، وجه السلطان السلجوقى الحملات العسكرية للاستيلاء على القلعة، وتم حصارها، وعندما مات ملكشاه فُك الحصار، وقبل موته بقليل استطاع أحد أتباع حسن قتل الوزير نظام الملك، وتوالت سلسلة اغتيالات لكبار الشخصيات التى تعارض دعواتهم من وزراء وقيادات وأمراء وكذلك ملوك.
وعندما مات المستنصر، انشقت دعوة الإسماعيلية إلى فرق وتيارات مثل النزارية والإسماعيلية مستعلية.. لكن لم يحل ذلك دون استمرار نشاط الدعوة التوسعى فى أرجاء إيران، ولكنهم نشروا حالة من الرعب والفزع بين مخالفيهم، تمخض ذلك عن ثورة أهالى أصفهان ضدهم، فقرر حكام الولايات الإيرانية أن يتحدوا للقضاء عليهم، وضربوا الحصار على مراكزهم، إلا أن قلعة ألموت لم يستطع أحد أن يمسها بسوء، فأرسل السلطان بجيشه إلى قلعة ألموت وحاصروها فترة طويلة حتى ضاق الخناق على الحسن وأتباعه، وكان الحسن يوزع عليهم الطعام توزيعا مقننا، فلما اشتد بهم الأمر كانوا يأكلون الحشيش الأخضر(أى العشب الأخضر)، ومن هنا أطلق عليهم «الحشاشيين»، وفُك الحصار بموت السلطان محمد، وظل الحسن الصباحى على مدى خمسة وثلاثين عاما ممتنعا وقابعا فى قلعة ألموت، واستطاع منها أن يدير حركته، وعاش فى القلعة فى عزلة تامة. وفى ربيع 1124م، مرض الحسن ومات بعد أن نشر الفزع والرعب فى كل شوارع وبيوت إيران.