بقلم : عزة كامل
هناك سؤال يلحّ علىّ بعنف، هذا السؤال يجب طرحه والإجابة عليه: ماذا أصاب الإنسان المصرى المعاصر حتى يفقد إنسانيته إلى حد التوحش والقبح وفقدان الإحساس؟، لماذا تتفجر شهوات التخلف والتفتيش فى نفوس الناس وضمائرهم وحياتهم الخاصة؟ لتصبح هى لغة التفاهم الوحيدة، هل أصبحنا داعشيين نسعى لتدمير الوجود الشخصية الإنسانية؟
السبت الماضى نشرت جريدة المصرى اليوم ما يلى: «كشفت تحقيقات النيابة العامة تفاصيل صادمة فى العثور على جثة طبيبة ملقاة أسفل العقارات بمنطقة السلام بمحافظة القاهرة، وأضافت التحقيقات أن المجنى عليها أثناء تواجدها مع صديقها، قام متهمون بكسر باب شقتها، والتعدى عليها بالضرب واتهموها بممارسة الرذيلة مع صديقها، وتعدوا عليها بالضرب المتواصل، مما تسبب فى سقوطها من شرفة شقتها بالدور السادس، ولفظت أنفاسها الأخيرة فى الحال»!!!.
المهزلة البشعة والفادحة، أن صاحب العقار زعم أن الضحية التى تبين أنها ليست طبيبة، أقدمت على الانتحار بإلقاء نفسها من الطابق السادس، لأنها تمر بأزمة نفسية، ولكن التحقيقات كشفت عكس ذلك.
صاحب العمارة وزوجته وأحد السكان، تورطوا فى قتل المجنى عليها، بعد التعدّى عليها بالضرب، وتحطيم باب شقتها، وسقوطها من الطابق السادس وفارقت الحياة فورا.
أين حرمة الحياة الشخصية؟، وهل تحول الناس إلى جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر المكلفة بتطبيق الحسبة؟ والتى تمت الإطاحة بها فى بلدها الأم، إن هذه الجريمة ضد الحقوق والحريات الشخصية للمواطنين، سواء كانوا رجالا أم نساء.
ولكن يبقى السؤال: ماذا لو كان صاحب الشقة رجلا وليس امرأة؟ هل ستختلف الأحداث معه؟ كما حدث للطبيبة من انتهاك لحريتها الشخصية وانتهاك لجسدها وحرمة منزلها؟
لقد نص الدستور المصرى على الحقوق والحريات الأساسية، والمادة (57) من الدستور تؤكد على أن «... الحياة الخاصة حرمة وهى مصونة لا تمس»، أما حرمة المنازل فقد نصت عليها المادة (58) التى تقول بوضوح: «... للمنازل حرمة، وفيما عدا حالات الخطر أو الاستغاثة لا يجوز دخولها أو تفتيشها ولا مراقبتها أو التنصت عليها، إلا بأمر قضائى مسبب، يحدد المكان والتوقيت والغرض منه، ويجب تنبيه من فى المنازل عند دخولها أو تفتيشها واطلاعهم على الأمر الصادر فى هدا الشأن»، والحق فى الحياة الآمنة نصت عليه المادة (59) التى تقرر بجلاء تام أن: «الحياة الآمنة حق لكل إنسان، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن لمواطنيها، ولكل مقيم على أراضيها».
هل آن الأوان لنتخلى عن الداعشية الكامنة داخل نفوسنا، تلك الداعشية المفرطة، ونتمسك بالدستور والقانون؟