توقيت القاهرة المحلي 20:18:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تمشى خلفها فى صمت

  مصر اليوم -

تمشى خلفها فى صمت

بقلم:عزة كامل

جلست على المصطبة تحت المظلة المهترئة فى الحديقة العامة، تتأمل حالة طفلة الشارع التى تتمدد أمامها بقدميها العاريتين، وملابسها المتسخة البالية، وتتنفس من فمها، تحسست فستانها الأسود المنقط بالأبيض، وحذاءها الأسود اللامع، قطع تأملها نعيق مجموعة من الغربان انتشرت على العشب الجاف، تفتش عن بقايا طعام.

كان اصفرار وجهها وهزال جسمها يشيان بحالتها الصحية المتدهورة، رغم أنها لم تبلغ الستين عامًا، أمضت أكثر من ثلاثة شهور فى التردد على المستشفيات وعدد من العيادات، للفحص والتحليل للتعرف على طبيعة مرضها، كانت آلامها فوق الاحتمال، فاجأتها لفحة صيفية حارة جعلت العرق يتصبب على وجهها، بعد نزعها الإيشارب من رأسها، أدركت أنها لن تستطيع الوصول إلى بيتها سيرًا على الأقدام، فاستقلت سيارة أجرة، تفاجأت بجارتها «ليلى» الخمسينية تقف أمام مدخل العمارة، سألتها: كيف حالك أستاذة «زهرة»؟، فأجابتها يإيماءة من رأسها، تأبطت ذراعها، وقادتها إلى شقتها، شعرت «زهرة» بأنها تريد أن تتحدث معها، فدعتها للدخول إلى شقتها، سعدت ليلى بهذه الدعوة، فقد ظلت على مدى شهرين تحاول إيجاد فرصة سانحة لمساعدتها بعد أن تخلى عنها زوجها بعد معرفته بنوعية مرضها الخطير، وبعد أن نسيها ابنها الوحيد الذى استقر فى كندا منذ سنوات، حتى أختها، آخر أفراد عائلتها، ماتت فى حادث سيارة، كان وفاء ليلى لجارتها الطيبة هو ما حدد المسلك الذى ستسلكه فى اليوم التالى.

دعت «ليلى» «زهرة» لقضاء السهرة عندها، وفى تمام الساعة السابعة عندما فتحت ليلى لها الباب، باغتتها بأناقة ملابسها، والمكياج الخفيف الذى أظهر فتنتها وجمالها، كان الضوء الخافت والحميم ينتشر فى كل أنحاء الصالة، نظرت زهرة إلى ليلى بحب فى الضوء الخافت، عندما كانت منهمكة فى تحضير طاولة الطعام، والتى أحاطتها الشموع من كل جانب، وأدهشها فستان «ليلى» الذى يظهر أكثر ما يخفى من جسدها، أكلتا وشربتا ورقصتا على أنغام الموسيقى الشرقية كأنهما مازالتا فى عمر الشباب، تنهلان من مباهج الحياة، امتدّت بهما السهرة لما بعد منتصف الليل، عندما ودعت صديقتها، كانت صوت خفيض من الموسيقى يصدح عاليًا، وكانت ثومة تشدو: «رجعونى عينيك لأيامى اللى راحوا، علمونى أندم على الماضى وجراحه، اللى شفته قبل ما تشوفك عينيا».

اكتشفت «ليلى» ظرفًا تركته زهرة، فتحته بسرعة، فوجدت فيه رسالة منها تخبرها بمكان النقود التى تدخرها لمصاريف جنازتها، فى اليوم التالى كانت ليلى تمشى وحيدة هى والبواب وراء نعشها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تمشى خلفها فى صمت تمشى خلفها فى صمت



GMT 20:18 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مع ابن بجاد حول الفلسفة والحضارة

GMT 19:52 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

هل نحتاج حزبا جديدا؟

GMT 09:08 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

7 فرق و11 لاعبًا نجوم البريمييرليج!

GMT 08:51 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 08:49 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

دمامة الشقيقة

GMT 08:48 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة

GMT 08:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

هجمات رأس السنة الإرهابية... ما الرسالة؟

GMT 08:46 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط الجديد: الفيل في الغرفة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 18:02 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
  مصر اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم الدشاش

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 06:04 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 14:18 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!

GMT 21:19 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تربح 7.4 مليارات جنيه ومؤشرها الرئيس يقفز 1.26%

GMT 21:48 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon