توقيت القاهرة المحلي 10:22:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لقاء فى المقهى القديم

  مصر اليوم -

لقاء فى المقهى القديم

بقلم:عزة كامل

بزغ فجر يوم جديد، استيقظت «صابرين»، ارتدت ملابسها بسرعة، وغادرت المنزل، وفى المقهى المعتاد لمحته يجلس بمفرده، كان رجلا طاعنا فى السن، وجهه شاحب للغاية، يحتفظ ببعض ملامحه القديمة بابتسامة واهية قطعها صفير حزين من الخارج، مر أربعة وعشرون عاما على آخر مرة رأته فيها، أطلقت زفرة طويلة، شعرت بهمّ عظيم.

تذكرت تلك الليلة عندما انتابتها حالة هياج عارمة، وأخذت تكسر كل ما تقع عليه عيناها، وتخلع صوره المعلقة على الحائط، وتدهسها بقدميها، فاقت من تأملها، جلست فى مواجهته، حبست أنفاسها وهى تحاول النظر إليه، بينما باب المقهى كان مفتوحا، تتأرجح ضلفته مع شدة الريح، وترسل صريرا مزعجا.

بدا كأن الخرس الذى حل بها انفكّت طلاسمه، وانطلقت عقدة لسانها، وأخذت توجه إليه الاتهامات، وبقى وجهه خاليا من أى انفعال، ثم خيم الصمت مرة أخرى، وأخذت عيناه تتجولان فى قلق وسط أرجاء المقهى، لقد منح ظهوره بعد هذه الأعوام الطويلة جوّا من الحزن، فتذكرت قسوته وتعنيفه لها ولأمها، مرضت الأم من القهر، تركهما وسافر وتزوج وأنجب ولدا، تركهما مكسورتى النفس بلا مستقبل، وعمرها ثمانية عشر عاما، عملت فى أماكن عديدة ولم تنقطع عن الدراسة، وأصبحت «مهندسة»، كل ما مرت به كانت سنوات عمرها أقل من أن تحتمل كل هذه الحياة القاسية، ودموع أمها التى لم تكف يوما وأنفاسها الواهنة، والبيت المعتم والأثاث القديم، والجدران الكالحة.

لم تنس ذلك اليوم الذى لاحظت فيه برودة يديها، والرجفة التى تهزها، ونظراتها الغائمة، ماتت الأم وشعرت «صابرين» أنها على حافة الهاوية، قاومت، وعندما بدأ الضباب ينقشع، ظهر أبوها مرة أخرى فى حياتها، أخذت تتطلع باحثة عن كائن ينتشلها من ذلك الكابوس، انتبهت أنه يحدق فى وجهها، كأنه يحاول أن يتذكر شيئا، إحساس بالبؤس والوحدة يطوقهما، هل يتذكرها من خلال وجهها؟، أم أن ملامحها تداخلت مع ملامح أمها؟.

يحاول أن يستعيد وجودها المادى، بدأت تضيق بهذا الجو الخانق، تفكر فى أن تنهى اللقاء وتنصرف، تمتلئ عيناها بالدموع، تنهض وتسير نحو الباب، تهاتف ابنه الذى جاء به وتركه لها بعد أن أصيب بألزهايمر، وأبلغها أنه وأمه يريدان أن يتركا الأب ليعيش معها، لأنهما لن يستطيعا أن يتحملا مرضه، قالت له: «من فضلك تعال وخذ هذا الجسد الذى لا يمت لى بصلة».

أنهت المكالمة ودفعت ضلفة الباب بقوة، وبدأت أولى خطوات رحلتها الجديدة والهواء البارد يلفح وجهها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لقاء فى المقهى القديم لقاء فى المقهى القديم



GMT 09:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 08:25 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 08:24 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هذه الأقدام تقول الكثير من الأشياء

GMT 08:23 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 08:23 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 08:21 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 08:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

جرعة تفاؤل!

GMT 08:18 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:32 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة "لأ ثواني"
  مصر اليوم - بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة لأ ثواني

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon