بقلم : عزة كامل
هل حقًا شهر مارس هو شهر «المرأة العالمي»، وبالتالى شهر«المرأة المصرية»؟! كيف يكون ذلك وشبح ذلك القانون الظالم والمهين يخيم علينا جميعا، وينسف كل المكتسبات والحقوق التى حصلت عليها المرأة المصرية على مدى عقود عديدة خلت؟ أعنى قانون الأحوال الشخصية المعيب، والمعروض على البرلمان دون تشاور مع أصحاب المصلحة قبل إصداره.
ومن المضحكات المبكيات ألا يلعب الإعلام دورًا إيجابيًا فى مناقشة قضية مجتمعية مهمة تمس حياة المجتمع والأجيال الحالية والمستقبلية، ولكننا نجده يستضيف وجوهًا وشخصيات معروفة بذكوريتها الفجة والصادمة، وبعدائها السافر لأى حقوق ومكتسبات للمرأة، لتهاجم القانون، زاعمين أنه ضد الرجال، ويصرخون بألفاظ نابية وسوقية جدًا.
ونجد أيضًا شخصيات تتبنى الفكر السلفى، يروجون لأحكام تعطل مساهمة المرأة فى الحياة الاجتماعية، وعلى كافة المستويات، وتجعلها تحت سلطة الرجل دومًا، سجينة البيت كأداة متعة وإنجاب واستهلاك خدمى، بالإضافة للفتاوى التى تُضفى قدسية مفتعلة على كل شىء، وخصوصًا الأشياء الدنيوية ووسمها بصفة دينية، ليصبح نقدها هادمًا للدين.
وهكذا تتحالف الذكورية المريضة مع جانب من السلفية الذى يخدم أغراضًا اجتماعية رجعية، وذلك من خلال تأويلات مغرضة، واعتماد مذاهب تجعل المرأة تدور دائمًا أبدًا فى دائرة التابع، واعتبارها عورة ونجاسة، وتجرى عليها بنود التحريم والتحليل، وكأننا عدنا إلى القرون الوسطى بكل إرثها الغريب.
إن قضية المرأة ذات أبعاد اجتماعية وسياسية تتصل بحقوق الإنسان العادلة والمساواة بين البشر، هذا القانون يُفقدنا الأمل فى مستقبل يمثّل الحد الأدنى من طموحات المرأة المصرية.
ما يحدث الآن يمنعنا من إنجاز أى مشروعات نهضوية على جميع المستويات، لذلك يجب علينا مواجهة هذا الفكر الذكورى الأصولى، كاتم أنفاسنا، والطامح إلى احتلال عقولنا، ومنعنا من التقدم دائمًا، لذلك علينا نزع القدسية عن غير المقدس، حتى نحرر عقولنا، ونستطيع أن نمارس أدوارنا النقدية والتحليلية دون تعثّر وإرهاب وخوف من إهدار الدم أو التكفير، ولنتمسك بالعقلانية فى مواجهة كل أشكال الظلامية، وأن نهجس فقط بالمستقبل، ونتخفف من حمل الماضى، ونطمح أن يلتزم الإعلام الرسمى وغير الرسمى بالمهنية والمساهمة فى عملية التنوير، حيث إن قانون الأحوال الشخصية يهم كل المصريين، وكل فرد فى أرض المحروسة، لأن هذا القانون ينظم حياة الأسرة كلها، فلابد من إجراء حوار مجتمعى واسع، ليشارك فيه الرجال والنساء والمنظمات التنموية والنسوية والحقوقية والخبراء القانونيون من الجنسين، من أجل قانون عادل ومنصف لصالح الوطنية والإنسانية.