توقيت القاهرة المحلي 20:18:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قفا نبكِ من ذكرى «تراث» ومنزل

  مصر اليوم -

قفا نبكِ من ذكرى «تراث» ومنزل

بقلم : عزة كامل

فى منتصف الليل هاجمتنى سلسلة من الكوابيس المزعجة، استيقظت والعرق يتصبب منى بشكل غزير، جلست منتظرة ظهور خيوط الفجر حتى تتبدد ظلمة المكان وظلمة قلبى أيضا، تمر أمام عينى بيوت وكنائس ومساجد ومقابر وأبواب وقصور وآثار وطننا الغالى، أفتح يدى لألمسها، أشم رائحة القدم التى تتخلل مبانيها وأخشابها وحليها المبهرة، أغمض عينىّ ثم أفتحهما لتمتلئا بأضواء وظلال الأماكن، أسترجع رحلاتى الدراسية وزياراتى العديدة لأجمل وأقدم أماكننا الأثرية والتاريخية التى تحمل عبق تاريخنا العريق ومجدنا العظيم المخبأ بين الحجارة والأبواب وأجراس الكنائس وأيقوناتها، وقباب المساجد ومآذنها، من أين يأتى كل هذا الشجن؟ هل لأن وجه المدينة يختفى، وكنوزها التاريخية تنقلب وتتبدل بوجوه أخرى شائهة؟.

وسط الصخب السائد، والذى خيم على قلب مصر والعالم كله، صخب الجائحة اللعينة «كورونا»، كان هناك صخب أشد وأقوى، وهو توسيع وتعميق القبح فى المكان، الشروع فى تدمير معالم القاهرة التاريخية، والذى بناها جوهر الصقلى من أجل تأسيس الدولة الفاطمية منذ عقود غابرة، يتم الآن هدم القصور، وإزالة أحواش المدافن فى قرافة المماليك، وبعض من قرافة السيوطى، وإخلاء حى الصاغة لنقله لمكان آخر، ويمتد هذا القبح إلى أحد أحياء القاهرة من الجهة الشرقية، حى مصر الجديدة الذى بناه «البارون إمبان» منذ ما يقرب مائة وخمسة عشر عاما، بمشروع بناء كوبرى أمام كنيسة البازليك، والشروع فى مشروع استثمارى بحى الزمالك فى غرب مدينة القاهرة، منطقة المسلة، بما يسمى «العجلة الدوارة»، أو «عين القاهرة» لرؤية معالم القاهرة لخدمة الحركة السياحية.

أتذكر كتاب العالم د. جمال حمدان «شخصية مصر»، الذى يستخلص فيه عبقرية مصر وشخصيتها المتمثلة فى الجغرافيا والتاريخ والمكان والناس، جمال حمدان الذى اعتزل الناس إيثارا للعلم، وانصرف إلى مصر، ومات وعينه ممتلئة بها بعد أن منحته كل أسرارها، مصر وعاصمتها القاهرة التى بهرت المستشرقين الأوربيين، فاهتموا فى كتبهم بتسجيل رسومات عن الأماكن والمبانى ومظاهر الحياة فى القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر، وسجلوا كل ذلك بكاميراتهم أيضا، وعرض متحف المتروبوليتان بنيويورك فى أوائل السبعينيات تلك الصور الفوتوغرافية التى التقطت فى مصر فى منتصف القرن 19، وأقامت شركة كوداك معرضا مماثلا فى باريس، هذا التراث لا يخص مصر فقط، بل يخص التراث الإنسانى العالمى، تراث نستمد منه الحكمة والمغزى والتفكير فى تاريخنا الثقافى ومصيرنا ومستقبلنا، إلى متى سيظل القبح تحديدا عنوان المدينة؟.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قفا نبكِ من ذكرى «تراث» ومنزل قفا نبكِ من ذكرى «تراث» ومنزل



GMT 01:20 2023 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

سوف تسبق ألمانيا

GMT 01:08 2023 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

السعودية وإيران... «أبعد يدك»

GMT 01:02 2023 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

عام بريطاني مؤلم

GMT 00:57 2023 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

... عن عالم بلا هالة

GMT 00:53 2023 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

جثة صدّام أمام منزل المالكي

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 18:02 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
  مصر اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم الدشاش

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 06:04 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 14:18 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!

GMT 21:19 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تربح 7.4 مليارات جنيه ومؤشرها الرئيس يقفز 1.26%

GMT 21:48 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon