دائمًا ما تهز مشاعرنا كلمات أغنيات محمد منير، ونتوحّد معها، ونحلق فى السماء، نبكى ونفرح بالقدر نفسه. يكمن سر هذه الكلمات فى إبداع الشاعرة «كوثر مصطفى»، التى حولت الكلمات إلى فلسفة الحياة والموت والعشق والتمرد، وصنعت طريقًا مغايرًا تمامًا فى مواجهة الأغنية العاطفية المستهلكة.جمعت بين البساطة والعمق، وعبّرت عن هموم المصريين بسهولة ويسر، هموم الشباب وهموم البنات، والغربة والوجع والانتظار، كلمات تسير عكس التيار الغنائى السائد، فأبدعت فى جميع أغانيها التى تأثر بها جميع المصريين:
«يا بنت يا للى بتغزلى قفطانه،
غزل الصبح ليه ع الليل تحلِّى خيطانه،
يا غنوة خايفة تغنى يا طيرى اللى شارد منى،
ضيّعتى الليالى والقمر مستنِّى،
ضيّعتى الليالى تغزلى وتحلِّى،
وحشانى عنيكى تحكى وتكلمنى،
الدنيا جميلة تهل لما تهلِّى
يا حلوة وبريئة ده الزمن بيدور».
ظلت ومازالت «كوثر مصطفى» الصوت الشعرى النسائى الوحيد، الذى تحدى ووقف صامدًا أمام الرياح العاتية المتمثلة فى ظل سيطرة شعراء الأغنية الذكور. عانت فى بداياتها عندما رفضت الهيئة العامة للكتاب طبع ديوانها الأول «موسم زرع البنات»، حيث لم يُنشر إلا بعد أن استمع إليها الدكتور «عبدالحميد يونس»، وكتب مقدمته، ويقرأ الديوان المبدع «خيرى بشارة»، ويلفت نظره عنوان الديوان وقصائده، فيقرر فى خطوة مهمة أن يستعين بأشعارها ليتغنى «منير» بها، فى فيلم لم يكتمل لظروف إنتاجية، وهكذا بدأت رحلة كوثر مصطفى الفنية مع «منير».
إذن لم يكن طريق «كوثر» مُعبَّدًا ومفروشًا بالورود، فقد واجهتها أزمات واتهامات كشاعرة، والتصنيفات المُعلَّبة التى تتعامل مع العامية بأنها أقل قيمة من الفصحى، كما عبرت هى عن ذلك فى أحد الحوارات التليفزيونية: «اتهامات لعبت فيها دائمًا دور المتهمة، فأنا امرأة وأكتب الأغنية وقصيدة العامية، وقد زادت هذه الاتهامات بعد ما حققت نجاحًا ملحوظًا، فقد كان يُنظر إلىَّ دائمًا على أننى شاعرة درجة تانية».
لكن كوثر مصطفى لها إرادة قوية جعلتها تستمر وتبدع، ومازال صوتها يعلو بالغناء كما فى أغنيتها البديعة الرائعة فى فيلم المصير:
«علِّى صوتك بالغُنا لسة الأغانى ممكنة،
آآآه ولسة ياما ياما ياما ياما فى عمرنا،
علِّى صوتك علِّى صوتك بالغُنا لسه الأغانى ممكنة،
ولو فى يوم،
ولو فى يوم راح تنكسر
لازم تقوم واقف كما
النخل باصص للسما للسما،
ولا انهزام ولا انكسار ولا خوف
ولا حلم نابت فى الخلا فى الخلا».
شكرًا «كوثر» على كل هذا الجمال.
شكرًا خيرى بشارة.
شكرًا محمد منير.