توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أنا نصٌّ مرتجلٌ فى مسرحية

  مصر اليوم -

أنا نصٌّ مرتجلٌ فى مسرحية

بقلم:عزة كامل

سقط القلب وامتلأ بلون البكاء، وكفت الأشجار عن الرقص، ومضت ظلالها صامتة، ولكن أعماقها ترتجف، والعصافير حطت على أغصانها، النهر بلا حب، ونيران عالية لطخت وجه القمر، فصار أسود، وشياطين الليل تقفز فوقه تؤدى رقصتها الماجنة، وزهرة نائمة فى شقوق الصخر والأيام أسيرة الزمن، والنور يهرب.. يهرب، وأنا أجلس فى فراغ من الزمن أرتجف من الأعماق، ومن حولى يركض فرس أشهب، وفوقه السماء متجهمة ترتدى دثارا أسود، لا أصوات، لا صراخات، لا همهمات، لم يبق إلا الصمت، وصفير الريح ورعب الظلال، وحزن الخريف الذى يحتضر.

فى ذلك المساء الزائف، أبدو كالفراشة المبتورة الجناحين، يغلبنى النعاس، أحلم بأغنيات غزلت من أضواء الفجر، أحلم بصوت مفرط العذوبة كصوت الكمان، كغبش الفجر، كطعم أول قبلة حب، كزخات مطر الشتاء، كنعاس طفل رضيع، أحمل فى قلبى عصفورة حائرة تفرد جناحيها، فتصير أوردتى أغصانا خضراء، لكن نبضات قلبى الحائرة تجعل العصفورة تائهة.

يغمرنى دفق من الألوان فى عمق ذلك الصمت، فأبحث عن صوتى، أنصت إلى حفيف الأشجار الجافة، يرن فى أذنى كصفارة غارة، ويجعلنى أشعر بألم ممزق، أتأمل الهامش الفسيح المتدرج، أدرك أن شغفى بالأشياء قد سرق، أنا الكل الكامل الخالى من الحياة، أنا الكل الممتلئ بالفراغ والتعب والضجر، فقط يوجد ظلى العالق بالشجرة الجافة الغافلة عنى.

عبث خبيث يهبط فى نفسى بلا استئذان، كما لو كنت غيرى، كما لو كنت لا شىء، أو نصًّا مرتجلا فى مسرحية هزلية سخيفة، أو جسدا فاقد الذاكرة، يخرج من ذاته ويصاب بالانفصام، فلا أكون أنا ولا أكون الآخر الذى صنعته، اللامبالاة هى الإقلاع عن الحنين، هى فلسفة اللاشىء، فلسفة اللاإيقاع، فلسفة اللاحكمة، اللاتفاؤل واللاتشاؤم، هى فلسفة الشيطان، هى شجرة عاقر، لا تراك فأنت شبح شخص مر بها ولم يستظل بأوراقها الوارفة، وتلاشى من ذاكرتها الحادة، نعم فللأشجار ذاكرة حيّة، تمنيت أن أكون شجرة مثمرة، أو ربوة عالية، أو غيمة فى قصيدة شاعر، أو مقعدا خشبيا يحتضن عاشقين، أو ساعى بريد يكمل الوصل بموعد مستحيل، أنا الآن أحلق فوق نهر الأبدية، كمثل امرأة تبكى فى ركن قصى عندما ترهف السمع لشاعر يلقى قصيدة فى خريف المنفى ليتأقلم مع عزلته المنتقاة، هذا ما تبقى من شدو الغياب والتباس الضوء مع العتمة وملامسة الظل للظل، وهسيس الكلمة فى مفترق طرق مغبش بالضباب، هذه هى أيامنا الحالية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنا نصٌّ مرتجلٌ فى مسرحية أنا نصٌّ مرتجلٌ فى مسرحية



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon