توقيت القاهرة المحلي 06:33:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أنا نصٌّ مرتجلٌ فى مسرحية

  مصر اليوم -

أنا نصٌّ مرتجلٌ فى مسرحية

بقلم:عزة كامل

سقط القلب وامتلأ بلون البكاء، وكفت الأشجار عن الرقص، ومضت ظلالها صامتة، ولكن أعماقها ترتجف، والعصافير حطت على أغصانها، النهر بلا حب، ونيران عالية لطخت وجه القمر، فصار أسود، وشياطين الليل تقفز فوقه تؤدى رقصتها الماجنة، وزهرة نائمة فى شقوق الصخر والأيام أسيرة الزمن، والنور يهرب.. يهرب، وأنا أجلس فى فراغ من الزمن أرتجف من الأعماق، ومن حولى يركض فرس أشهب، وفوقه السماء متجهمة ترتدى دثارا أسود، لا أصوات، لا صراخات، لا همهمات، لم يبق إلا الصمت، وصفير الريح ورعب الظلال، وحزن الخريف الذى يحتضر.

فى ذلك المساء الزائف، أبدو كالفراشة المبتورة الجناحين، يغلبنى النعاس، أحلم بأغنيات غزلت من أضواء الفجر، أحلم بصوت مفرط العذوبة كصوت الكمان، كغبش الفجر، كطعم أول قبلة حب، كزخات مطر الشتاء، كنعاس طفل رضيع، أحمل فى قلبى عصفورة حائرة تفرد جناحيها، فتصير أوردتى أغصانا خضراء، لكن نبضات قلبى الحائرة تجعل العصفورة تائهة.

يغمرنى دفق من الألوان فى عمق ذلك الصمت، فأبحث عن صوتى، أنصت إلى حفيف الأشجار الجافة، يرن فى أذنى كصفارة غارة، ويجعلنى أشعر بألم ممزق، أتأمل الهامش الفسيح المتدرج، أدرك أن شغفى بالأشياء قد سرق، أنا الكل الكامل الخالى من الحياة، أنا الكل الممتلئ بالفراغ والتعب والضجر، فقط يوجد ظلى العالق بالشجرة الجافة الغافلة عنى.

عبث خبيث يهبط فى نفسى بلا استئذان، كما لو كنت غيرى، كما لو كنت لا شىء، أو نصًّا مرتجلا فى مسرحية هزلية سخيفة، أو جسدا فاقد الذاكرة، يخرج من ذاته ويصاب بالانفصام، فلا أكون أنا ولا أكون الآخر الذى صنعته، اللامبالاة هى الإقلاع عن الحنين، هى فلسفة اللاشىء، فلسفة اللاإيقاع، فلسفة اللاحكمة، اللاتفاؤل واللاتشاؤم، هى فلسفة الشيطان، هى شجرة عاقر، لا تراك فأنت شبح شخص مر بها ولم يستظل بأوراقها الوارفة، وتلاشى من ذاكرتها الحادة، نعم فللأشجار ذاكرة حيّة، تمنيت أن أكون شجرة مثمرة، أو ربوة عالية، أو غيمة فى قصيدة شاعر، أو مقعدا خشبيا يحتضن عاشقين، أو ساعى بريد يكمل الوصل بموعد مستحيل، أنا الآن أحلق فوق نهر الأبدية، كمثل امرأة تبكى فى ركن قصى عندما ترهف السمع لشاعر يلقى قصيدة فى خريف المنفى ليتأقلم مع عزلته المنتقاة، هذا ما تبقى من شدو الغياب والتباس الضوء مع العتمة وملامسة الظل للظل، وهسيس الكلمة فى مفترق طرق مغبش بالضباب، هذه هى أيامنا الحالية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنا نصٌّ مرتجلٌ فى مسرحية أنا نصٌّ مرتجلٌ فى مسرحية



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon