توقيت القاهرة المحلي 11:19:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بهجة رمضان المنقوصة

  مصر اليوم -

بهجة رمضان المنقوصة

بقلم:عزة كامل

قبل رمضان بأيام قليلة، قادتنى قدماى إلى قلب القاهرة القديمة حيث شارع المعز بأبنيته الأثرية العريقة، بداية من باب الفتوح حتى باب زويلة، وخلال جولتى بين الأبنية والمساجد والزوايا والحمامات، امتلأ قلبى بهجة لرؤية الفوانيس الملونة التى تتسابق فى إعلان درجات إضاءاتها، وكذلك النجمة والهلال المضىء والمبخرة الرمضانية.
تهت فى سحر وعبق التاريخ، فقد شهد ذلك الشارع عصورا مختلفة، وقفت أمام باب زويلة ببرجيه المقوسين عند القاعدة، ذلك الباب الذى علقت تحته رؤوس رسل هولاكو قائد التتار، ورأس آخر سلاطين المماليك « طومان باى»، فجأة اختفت البهجة التى كنت أشعر بها، وخفتت الأضواء، وبهتت الألوان وأنا أنظر إلى السور الحجرى الذى تشرب بدماء جفت منذ قرون، أرنو وأسمع صوت السيوف، الأفق يغطيه صهيل الخيل وجنون الطغاة، والرقيق يدهسون تحت سنابك الخيل، الدماء منسكبة على مآذن المساجد، والأزقة والبيوت، والأبواب الخشبية المواربة تتلصص من خلالها العيون.

الحياة تتسلل منفلتة من تحت ركام الشر، وتطوف شخصيات طامحة طامعة، وأخرى ضعيفة وذليلة، أسمع رياحا ذات صفير حاد تصفع الوجوه والأبواب، أشعر كأننى طائر مذعور أخافته أصوات المفاصل والرؤوس المعلقة والظلام الذى شيد ستائره، كأنه طوفان أسود جرف الأجساد والقلوب، يصفعنى التاريخ على وجهى فى أفعال متشابهة فى الوحشية، يذكرنى بالمذبحة التى قام بها نابليون فى «يافا»، بعد أن استسلمت حاميتها المكونة من ثلاثة آلاف جندى، وأمر بذبحهم جميعا على شاطئ البحر، وتناثرت الجثث وأتت بالطاعون، باب زويلة يذكرنى بمئات المجازر الذى ارتكبها الصهاينة ضدالشعب الفلسطينى فى القرن العشرين والممتدة حتى القرن الحادى والعشرين، ومجازر غزة الآن التى نفذت بدم بارد ومن دون محاسبة أو أدنى ملاحقة قانونية.

لا أعرف كم من وقت مضى وأنا أتذكر كل تلك البشاعة، انتبهت فجأة إلى صوت صبى يصرخ فى خوف، فقد تعثر وسقط بين الفوانيس والأوانى النحاسية، هرولت إليه وساعدته لكى ينهض، ابتسم ابتسامة متعبة وهو يحاول تسوية ملابسه المتسخة، لا أعرف لماذا ذكرتنى نظرة الصبى بنظرة القطة الصغيرة التى تصرخ لأن أقداما غليظة دهست ذيلها بقسوة، ولا لماذا ذكرنى بكل أطفال غزة الذين دهستهم دبابات الصهاينة العمياء، وقتلتهم وهم ينتظرون مع أمهاتهم الطعام من الإنزال الجوى، وهل الشهر الكريم سينقذهم من هذا القتل المتوحش؟!، وهل يتوقف ماراثون الصم والبكم والعمى الذى يغض البصر عن تلك الإبادة؟، هل يصحو ضميرهم من أجل أن يأخذوا حسنات رمضان المعظم؟!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بهجة رمضان المنقوصة بهجة رمضان المنقوصة



GMT 08:07 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

دمشق وطهران والحرب الجديدة

GMT 08:06 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

«الصراع من أجل سوريا»

GMT 08:05 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

غزة. غزة... بقلم «جي بي تي»!.. بقلم «جي بي تي»!

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

... أن تكون مع لا أحد!

GMT 08:02 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

غول الترمبية والإعلام الأميركي... مرة أخرى

GMT 08:01 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الصراع في سوريا وحول سوريا

GMT 08:00 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

سوريا واللحظة الحرجة!

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ترمب ــ «بريكس»... وعصر القوى المتوسطة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 04:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة
  مصر اليوم - الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها
  مصر اليوم - ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 23:04 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يحرز الهدف الأول لليوفي في الدقيقة 13 ضد برشلونة

GMT 06:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تتأهل إلى نهائيات "أمم أفريقيا" رغم التعادل مع تنزانيا

GMT 05:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موضة ألوان ديكورات المنازل لخريف وشتاء 2021

GMT 09:41 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسن يعلن قائمة الاتحاد السكندري لمواجهة أسوان

GMT 03:51 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للمناورة ”ردع - 2020”

GMT 04:56 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

فنادق تعكس جمال سيدني الأسترالية اكتشفها بنفسك

GMT 23:44 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين

GMT 11:46 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

جوارديولا يهنئ ليفربول بـ كأس الدوري الإنجليزي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon