توقيت القاهرة المحلي 20:52:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بهجة رمضان المنقوصة

  مصر اليوم -

بهجة رمضان المنقوصة

بقلم:عزة كامل

قبل رمضان بأيام قليلة، قادتنى قدماى إلى قلب القاهرة القديمة حيث شارع المعز بأبنيته الأثرية العريقة، بداية من باب الفتوح حتى باب زويلة، وخلال جولتى بين الأبنية والمساجد والزوايا والحمامات، امتلأ قلبى بهجة لرؤية الفوانيس الملونة التى تتسابق فى إعلان درجات إضاءاتها، وكذلك النجمة والهلال المضىء والمبخرة الرمضانية.
تهت فى سحر وعبق التاريخ، فقد شهد ذلك الشارع عصورا مختلفة، وقفت أمام باب زويلة ببرجيه المقوسين عند القاعدة، ذلك الباب الذى علقت تحته رؤوس رسل هولاكو قائد التتار، ورأس آخر سلاطين المماليك « طومان باى»، فجأة اختفت البهجة التى كنت أشعر بها، وخفتت الأضواء، وبهتت الألوان وأنا أنظر إلى السور الحجرى الذى تشرب بدماء جفت منذ قرون، أرنو وأسمع صوت السيوف، الأفق يغطيه صهيل الخيل وجنون الطغاة، والرقيق يدهسون تحت سنابك الخيل، الدماء منسكبة على مآذن المساجد، والأزقة والبيوت، والأبواب الخشبية المواربة تتلصص من خلالها العيون.

الحياة تتسلل منفلتة من تحت ركام الشر، وتطوف شخصيات طامحة طامعة، وأخرى ضعيفة وذليلة، أسمع رياحا ذات صفير حاد تصفع الوجوه والأبواب، أشعر كأننى طائر مذعور أخافته أصوات المفاصل والرؤوس المعلقة والظلام الذى شيد ستائره، كأنه طوفان أسود جرف الأجساد والقلوب، يصفعنى التاريخ على وجهى فى أفعال متشابهة فى الوحشية، يذكرنى بالمذبحة التى قام بها نابليون فى «يافا»، بعد أن استسلمت حاميتها المكونة من ثلاثة آلاف جندى، وأمر بذبحهم جميعا على شاطئ البحر، وتناثرت الجثث وأتت بالطاعون، باب زويلة يذكرنى بمئات المجازر الذى ارتكبها الصهاينة ضدالشعب الفلسطينى فى القرن العشرين والممتدة حتى القرن الحادى والعشرين، ومجازر غزة الآن التى نفذت بدم بارد ومن دون محاسبة أو أدنى ملاحقة قانونية.

لا أعرف كم من وقت مضى وأنا أتذكر كل تلك البشاعة، انتبهت فجأة إلى صوت صبى يصرخ فى خوف، فقد تعثر وسقط بين الفوانيس والأوانى النحاسية، هرولت إليه وساعدته لكى ينهض، ابتسم ابتسامة متعبة وهو يحاول تسوية ملابسه المتسخة، لا أعرف لماذا ذكرتنى نظرة الصبى بنظرة القطة الصغيرة التى تصرخ لأن أقداما غليظة دهست ذيلها بقسوة، ولا لماذا ذكرنى بكل أطفال غزة الذين دهستهم دبابات الصهاينة العمياء، وقتلتهم وهم ينتظرون مع أمهاتهم الطعام من الإنزال الجوى، وهل الشهر الكريم سينقذهم من هذا القتل المتوحش؟!، وهل يتوقف ماراثون الصم والبكم والعمى الذى يغض البصر عن تلك الإبادة؟، هل يصحو ضميرهم من أجل أن يأخذوا حسنات رمضان المعظم؟!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بهجة رمضان المنقوصة بهجة رمضان المنقوصة



GMT 09:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 09:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 09:15 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ما بعد وقف إطلاق النار؟

GMT 09:12 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ليس نصراً ولا هزيمة إنما دروس للمستقبل

GMT 08:46 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

العلاقات التركية السورية تاريخ معقد

GMT 08:44 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 00:02 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
  مصر اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 11:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 20:30 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 هجمات على أهداف حيوية في إسرائيل
  مصر اليوم - جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 هجمات على أهداف حيوية في إسرائيل

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:00 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العلماء الروس يطورون طائرة مسيّرة لمراقبة حرائق الغابات

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 20:12 2024 الخميس ,15 آب / أغسطس

عمر كمال يوجه رسالة مؤثرة لأحمد رفعت

GMT 10:00 2016 الأربعاء ,09 آذار/ مارس

إصبع ذكي يعيد حاسة اللمس للاصابع المبتورة

GMT 23:53 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

مصمم مغربي يطرح تشكيلة راقية من القفطان الربيعي لموسم 2016

GMT 05:09 2015 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

توثيق ازدهار ونهاية مؤسس "داعش" أبو مصعب الزرقاوي

GMT 21:24 2017 السبت ,09 أيلول / سبتمبر

5 مواقف فتحت النار على سهير رمزي بعد خلع الحجاب

GMT 05:22 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

خبيرة موضة تقدم نصائح لارتداء فساتين الصيف خلال الشتاء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon