بقلم : عزة كامل
آلاف الضحايا من أهالينا قُتلوا على أرصفة ضاعت ملامحها، الكل يُخفى حسرة دفينة على واقع أصبح كابوسًا دائمًا، يتحسر على محطات حياته التى تتماهى مع محطات قطارات الموت اللعينة، مفارقة ساخرة يتساوى فيها الأحياء والأموات، فمَن نجا منهم كان مثقلًا بالموت والخوف، تصم أذنيه الصرخات، وتمزقه صور الجثث المبعثرة.
لم تكن حادثة تصادم قطارين بمنطقة طهطا هى الأسوأ فى تاريخ حوادث قطارات سكك حديد مصر، فقد شهدت التسعينيات حوادث كارثية شهيرة، من أبشعها حادثة كان ضحاياها 75 راكبًا، وأُصيب المئات فى تصادم قطار بمؤخرة قطار آخر فى ديسمبر 1995، وبعد عامين اصطدم قطار بالقرب من الإسكندرية بإحدى المصدات الأسمنتية الضخمة، وخرج القطار نحو إحدى الأسواق المزدحمة بالباعة المتجولين، مما أدى إلى مقتل 50 شخصًا، وإصابة أكثر من 80 آخرين.
ومنذ بداية هذا القرن وقعت إحدى عشرة حادثة مروعة، منها حادثة القطار التى وقعت بالعياط فى فبراير 2002، وهى الأسوأ من نوعها فى تاريخ سكك حديد مصر، حيث راح ضحيتها أكثر من ثلاثمائة وخمسين راكبًا، بعد أن تابع القطار سيره لعدة كيلومترات، والنيران مشتعلة فيه، وفى أغسطس 2006 على طريق المنصورة- القاهرة، اصطدم قطاران، أحدهما كان قادمًا من المنصورة، والآخر كان قادمًا من بنها فى نفس الاتجاه، مما أدى إلى مقتل 80 شخصًا وإصابة أكثر من 163 آخرين.
وفى يوليو 2007 اصطدم قطاران، شمال مدينة القاهرة، وراح ضحية الحادث ثمانية وخمسون شخصًا، كما أُصيب أكثر من 140 آخرين، وفى نوفمبر 2012، اصطدم قطار بأتوبيس أطفال أثناء عبوره مزلقان المندرة بمركز منفلوط بأسيوط، مما أدى إلى وفاة 49 طفلًا وإصابة 13 آخرين، وفى يناير 2013، اصطدمت العربة الأخيرة من أحد القطارات، وكانت مُحمَّلة بجنود الأمن المركزى، بقطار بضائع كان متوقفًا عند محطة البدرشين، ما أسفر عن مصرع 18 مجندًا من قوات الأمن المركزى، وإصابة 120 آخرين، وفى فبراير 2019 وقع حريق بمحطة مصر نتيجة تصادم جرار قطار وعربة «الباور» الخاصة بالتكييف بصدادات نهاية رصيف المحطة، مما أدى إلى حدوث حريق هائل، نتج عنه 20 حالة وفاة، وإصابة 40 آخرين بين الركاب الذين كانوا على الرصيف.
حادثة قطارى سوهاج جريمة بكل المقاييس. كيف حدثت، ومَن المسؤول؟ وهل لا توجد لدينا أجهزة مطورة لمنع هذه الجرائم قبل حدوثها؟ والسؤال الأهم: لماذا لا يوجد تطوير حقيقى يمنع مثل هده الجرائم البشعة التى يذهب ضحيتها أهالينا الغلابة الفقراء؟!.