بقلم - عزة كامل
فيلم تمساح النيل، للمخرج «نبيل الشاذلى»، الوثائقى، يأخذك فى رحلة جادة ومدهشة عبر لقاءات حية مع السباح العالمى، «عبداللطيف أبوهيف»، وشهادات حية وثريّة لأمير السباحين العالميين، وكذلك تلك الشرائط المصورة لأهم بطولاته عبر تاريخه الحافل بالأحداث.
يروى الفيلم الوثائقى، ومدته اثنتان وستون دقيقة، رحلة «أبوهيف» بطريقة حميمة. إنه جرعة من الحنين والشغف والإصرار، يتتبع رحلته من مسقط رأسه بحى بحرى بالإسكندرية، إلى نجاحه الكبير والمدهش فى عبور المانش ثلاث مرات، وذلك فى عام ١٩٥١ من فرنسا إلى إنجلترا، وتبرعه بجائزته المالية لأسرة السباح الإنجليزى، ماتيوس ويب، الذى غرق- للأسف- بسبب التيارات المعاكسة، واحتلاله المركز الأول فى سباق نهر السين بفرنسا عام ١٩٥٢، وانتزاعه المركز الأول عام 1955 فى أول سباق دولى للمانش، رغم مشاركة أسرع السباحين العالميين معه، واختيار «أبوهيف» ليكون أفضل رياضى فى العالم عام ١٩٦٣، وانتهاء بفوزه بلقب «سباح القرن العشرين»، وحصوله على لقب «أعظم سباح فى التاريخ».
صداقة المخرج «نبيل الشاذلى» للبطل العالمى جعلت الكاميرا تُظهر روح «أبوهيف» المرِحة الوثّابة والمُحِبة للناس وللحياة، فلم نشاهد «عبداللطيف» السباح البطل فقط، بل رأينا «عبداللطيف» الإنسان بملامحه المصرية الفصيحة وبسمته المريحة، إنه درس مهم فى كيف تحقق البطولات دون أن تفقد إنسانيتك.
رحل البطل عن دنيانا عام 2008 قبل أن ينتهى صديق عمره «الشاذلى» من إتمام الفيلم نظرًا لتعثر الظروف الإنتاجية، والتكلفة الضخمة لشراء شرائط المسابقات العالمية التى فاز بها «عبداللطيف»، فتوقف الفيلم عدة سنوات، إلى أن حصل «الشاذلى» من ابن «عبداللطيف» على بعض الشرائط، واستأنف العمل على الفيلم.
الفيلم حافل ببطولات رياضية وإنسانية رفيعة المستوى، مكتنزة بمسيرة أراد الفيلم إنقاذها من أطلال الذاكرة ودروب النسيان. سر «تمساح النيل» يتجلى فى الشغف والحب والصداقة التى ربطت بين المخرج وبطل الفيلم «عبداللطيف أبوهيف»، الذى ملأ السمع والبصر لفترات طويلة كانت تتهافت عليه فيها وسائل الإعلام المحلية والعالمية، والذى رحل فى هدوء وبساطة، لكن شمس البطل الغاربة سطعت من جديد من خلال هذا الفيلم الممتع، الذى أعاد إلينا تاريخًا عظيمًا لن تتطاير أوراقه فى الريح.
شكرًا نبيل الشاذلى لأنك غزلتَ ببساطة قصة حب لبطل حمل الوطن بين جوانحه، وأعدت الحياة إلى ذكرى بطل كاد يطويه النسيان. أتمنى أن يشاهد هذا الفيلم طلاب المدارس والمعاهد والجامعات، ويُعرض فى النوادى وقصور الثقافة وفى كل محفل.