بقلم : عزة كامل
ماذا جرى للمصريين، هل تحولوا إلى حُماة للفضيلة الكاذبة؟، ماذا أصابهم ليُفتشوا فى الضمائر ويُنصِّبوا أنفسهم قضاة وجلادين؟، أى سادية تغلغلت فى أرواحهم؟، وأى عتمة أصابت قلوبهم؟، وأى كراهية تلبّست عقولهم، ففقدوا البصر والبصيرة، فتاهت بوصلة الرحمة واحترام خصوصية الناس.
هل انتقلت السادية من السلفيين والأصوليين إلى فئة عريضة من المصريين، وتم ابتزاز المجتمع كله لتصير أفكارهم مشروعة، وتصبح منظومة السلفية المتحجرة التى يفوح منها الغل- تلك المنظومة القائمة على نفاق قيمى ودينى زائف- هى المنظومة المعتمدة فى مؤسساتنا ومدارسنا وجامعاتنا وبيوتنا وشوارعنا؟.
السلفية التى تهجم علينا بشراسة مريبة، معركة تلو معركة، لتُذكِّرنا دائمًا بأننا محظورون من الوجود، من الحياة، ويرتكبون الجريمة تلو الجريمة وهم يرقصون على جثث الضحايا، وعلينا أن نُلجم غيظنا ونبتلع غُصّاتنا فى صمت حتى يلتهمنا القهر!.
من أين طلعوا علينا واحتكروا المقدس، وأخذوا يهبون الموت والحياة؟. كيف تركناهم يهجمون علينا بكل هذه الشراسة؟. هل تخلّيْنا عن إنسانيتنا أم تخلّت هى عنّا فى غفلة منّا عندما هزمتنا أفكارهم المتوحشة وأفعالهم العنيفة، وتحوّلنا إلى مجرد أجساد ينفثون فيها سمومهم، ويتركوننا للخوف، والخوف صنو الموت؟. مَن يوقف هذا الغل والتوحش؟!.
من جديد كادت تتكرر مأساة سيدة السلام، التى لقيت حتفها من شرفة شقتها بالطابق السادس، بعدما اقتحم جيران لها شقتها دون أى حق، بزعم اختلائها برجل. لقد تعرضت فتاة أخرى وشقيقتها ووالدتهما وخطيبها للضرب والسحل، بعدما اقتحم الجيران منزلهن فى منطقة مؤسسة الزكاة التابعة للمرج بالقاهرة، بزعم أنهم شاهدوا شقيقتها مع خطيبها بمفردهما فى شرفة الشقة وتبادلهما الأحضان، فلا حرمة للحياة الخاصة ولا للمنازل، ولا ضمان أن يعيش الإنسان آمنًا مطمئنًا داخل بيته، فحُرّاس الفضيلة والشرف والقيِّمون على تصرفات الناس ومنعهم من خدش الحياء، والمتغلغلون فى كل مكان، فى الأحزاب الدينية ومواقع التواصل الاجتماعى وفى الهواء الذى نتنفسه يشمتون فى موت المفكرين والأدباء، خاصة النساء، وعلى رأسهن الأديبة والمفكرة الدكتورة نوال السعداوى، ويختصرون مصر فى العبارة التالية بكل سهولة: «نحن أمة الإسلام، أمة الختان». يا سادة تتقدم الأمم بترك الوهابية، بينما نتشبث بها نحن!.