بقلم - عزة كامل
كشفت الإبادة الجماعية التى قام بها الكيان الصهيونى مدى توحشه، وكشفت فى الوقت نفسه جحيم الدعاية الغربية الصهيونية، التى تريد إقناع العالم بأن مذبحة الهولوكست والاضطهاد التى تعرض لها اليهود فى الماضى، يتعرضون لها فى الحاضر، ولن ينتهى هذا الاضطهاد إذا لم يساند الغرب إسرائيل، لكن ما فعلته إسرائيل فى غزة لم يعد من الممكن تجميل صورتها وإظهارها ضحية المحرقة النازية، وجعلت الألمان وغيرهم يتعاطفون معها للتخلص من عقدة الإحساس بالذنب.
ولكن محاولة الغرب فشلت فى كبح جماح سخط شعوب العالم، والتضامن الذى يزداد اتساعًا يوميًا فى الغرب، السخط الذى دفع بآلاف المظاهرات والأفلام التى ظهرت عبر منصات التواصل الاجتماعى لتعرية وفضح حقيقة الآلة الجهنمية للكيان الغاشم، وفضح سجل الحضارة الغربية الحافل بالجرائم الاستعمارية، ومص دماء الشعوب الأخرى، هذا السجل المصبوغ بالتعصب والتوحش، سجل ثقيل توج بتأسيس دولة إسرائيل، ودعمها غير المشروط، وإظهار العنصرية القبيحة إلى أبعد مدى.
أوشكت الإبادة الجماعية على الشهر الثامن، ولم تتوقف المحرقة، وكشف عنصرية الساسة، فمنذ عدة أيام قامت «نيكى هايلى»، مرشحة الجمهورية السابقة للرئاسة الأمريكية، بالكتابة على قذيفة مدفعية إسرائيلية أثناء زيارتها فى الآونة الأخيرة لإسرائيل: «اقضوا عليهم»، «أمريكا تحب إسرائيل»، وطعّمتها بقلب مرسوم ووقّعت باسمها أسفل الكتابة، وموقفها هذا امتداد لموقف مسؤولين سياسيين أكدوا دعمهم بشكل معلن لإسرائيل باعتبارهم اليهود.
العالم الغربى يدعى أنه مشغول بحقوق الإنسان وأسلحة الدمار الشامل، ولا تشغله المذابح والمجاعة التى ترتكب فى حق الفلسطينيين، إنهم مشغولون بتحويل منطقة الشرق الأوسط إلى منطقة تطحنها وتفتتها النزاعات، ولكن إسرائيل لم تكن تتوقع أن جرائمها ستفضح تكنولوجيا منصات التواصل الاجتماعى، التى ساهم الغرب فى ابتكارها، ولا بعض القنوات الإعلامية التى خرجت عن سيطرتها.
وها هى أيرلندا تعترف رسميا بالدولة الفلسطينية فى تحد سافر لإسرائيل، وتنضم لموقف حكومة إسبانيا والنرويج، القاضى بالاعتراف بدولة فلسطين، غير مهتمين بغضب إسرائيل، ليدعم هذا الاعتراف موقف بعض الدول الأوروبية بدعم قرار محكمة العدل الدولية بعدما رفعت دولة جنوب إفريقيا دعوى فى هذه المحكمة، وانضمت إليها بعض الدول، متهمة إسرائيل بارتكاب جريمة إبادة ضد شعب فلسطين فى قطاع غزة.
لم يأت فى خيال الصهاينة أن هذه بداية خروج الدول الأوروبية من الأطر المغلقة الحديدية التى تدعم إسرائيل ومزامعها التى باتت جديرة بالتعرية والرفض والفضح والكشف، وها هو السحر ينقلب على الساحر.