توقيت القاهرة المحلي 18:47:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المقهى والونس الغائب

  مصر اليوم -

المقهى والونس الغائب

بقلم - عزة كامل

فى شارع جانبى أسير متعبة فى هذا الصيف القائظ، أصل المقهى، يسعفنى الجرسون بكوب ماء أرطب به حلقى، أطيل التأمل أمامى، أبصر من خلف الزجاج عينى قطة سوداء، تحدق وتخترق أجساد الجالسين وهم يثرثرون، بينما يشربون الشاى ويحتسون القهوة، يغرينى شدو «أم كلثوم»: «ما تصبرنيش بوعود، وكلام معسول وعهود.. أنا ياما صبرت زمان، على نار وعذاب وهوان.. وأهى غلطة، ومش هتعود، ولو ان الشوق موجود وحنينى إليك موجود إنما للصبر حدود»، أى والله يا ست للصبر حدود.

تخطفنى الكلمات إلى زمن بعيد، عندما كان يزدحم المقهى برواده، يمسنى شغف الحكايات، أقلب أحوال قلبى، أرى فى المرآة الصدئة التى أمامى خطين من تعب يحوطان عينى، الذكريات تكبر بهدوء، أرشفها على مهل، أدندن لحنا وأهمس لنفسى: لماذا توقف نبض المقاهى، ولم تعد كما كانت؟!.. لماذا غادر الكتاب والمثقفون المقاهى؟.. يهمس صوت: «لكل عصر مقهاه ولكل مقهى فرسانه»، أرد: كان المقهى يمثل شغفا لكثيرين، يجتمع فيه العشاق والفنانون والشعراء، كان بيت المبدعين والمغامرين والباحثين عن النجومية، هناك مقاه صنعت صيت الأدباء، التقى فيها الأدب النخبوى بالأدب الشعبى، ألم يكن المقهى ملهما، ومادة خصبة لكثير من المبدعين، وألهمهم بشخصيات وأحداث وحكايات ظهرت فى أعمال أدبية ودرامية؟، ألم يكن المقهى للتواصل والونس وطرح هموم الحياة الخاصة والعامة، ومساحة مميزة للمناظرات والمناقاشات، ومكان لقاء أحبة وعشاق عابرين؟.

ألم يكن المقهى فضاء حرا يلهم الطاقات الداخلية لمبدعين ومبدعات، يقفون على الهامش؟، ألم يساهم المقهى فى إثراء الحياة الأدبية والثقافية والسياسية وتجديد دمها؟، الأصوات تسكن رأسى تتعالى: «الخيل أعلم بفرسانها»، الصوت الخفى يدندن شعر محمود درويش: «مقهى وأنت مع الجريدة، جالس فى الركن منسيا، فلا أحد يهين مزاجك الصافى، ولا أحد يفكر باغتيالك، كم أنت منسى وحر فى خيالك»، آه يا درويش، إنه المقهى ساحة معارك المشاعر والأفكار، ضجرت من الانتظار والتحديق خلف الزجاج، حتى الأغانى لم تعد تطربنى، اليوم لا يشبه الأمس، حتى المقعد الخشبى تنازل عن عرشه ولم يعد يشبه نفسه، هل أصبحت غريبة؟، فالغريب يحن إلى أمسه، لماذا لا يوجد فى المقهى شعراء يلهبون الخيال والضمائر، يصفون بشاعة ما يحدث فى فلسطين والسودان، ويعرجون على هموم الوطن؟، هل مات الشعر أم غاب الشعراء؟.. الضباب كثيف على زجاج المقهى والقطة تخربش بصوت عال، ربما ترسم خارطة جديدة للمقهى، خريطة بلا إبداع وبلا مبدعين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المقهى والونس الغائب المقهى والونس الغائب



GMT 03:46 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بائع الفستق

GMT 03:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

على هامش سؤال «النظام» و «المجتمع» في سوريّا

GMT 03:42 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

دمشق... مصافحات ومصارحات

GMT 03:39 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

السعودية وسوريا... التاريخ والواقع

GMT 03:37 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

ورقة «الأقليات» في سوريا... ما لها وما عليها

GMT 03:35 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

امتحانات ترمب الصعبة

GMT 03:33 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تجربة بريطانية مثيرة للجدل في أوساط التعليم

GMT 03:29 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

موسم الكرز

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 13:18 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور
  مصر اليوم - تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon