توقيت القاهرة المحلي 20:18:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المقهى والونس الغائب

  مصر اليوم -

المقهى والونس الغائب

بقلم - عزة كامل

فى شارع جانبى أسير متعبة فى هذا الصيف القائظ، أصل المقهى، يسعفنى الجرسون بكوب ماء أرطب به حلقى، أطيل التأمل أمامى، أبصر من خلف الزجاج عينى قطة سوداء، تحدق وتخترق أجساد الجالسين وهم يثرثرون، بينما يشربون الشاى ويحتسون القهوة، يغرينى شدو «أم كلثوم»: «ما تصبرنيش بوعود، وكلام معسول وعهود.. أنا ياما صبرت زمان، على نار وعذاب وهوان.. وأهى غلطة، ومش هتعود، ولو ان الشوق موجود وحنينى إليك موجود إنما للصبر حدود»، أى والله يا ست للصبر حدود.

تخطفنى الكلمات إلى زمن بعيد، عندما كان يزدحم المقهى برواده، يمسنى شغف الحكايات، أقلب أحوال قلبى، أرى فى المرآة الصدئة التى أمامى خطين من تعب يحوطان عينى، الذكريات تكبر بهدوء، أرشفها على مهل، أدندن لحنا وأهمس لنفسى: لماذا توقف نبض المقاهى، ولم تعد كما كانت؟!.. لماذا غادر الكتاب والمثقفون المقاهى؟.. يهمس صوت: «لكل عصر مقهاه ولكل مقهى فرسانه»، أرد: كان المقهى يمثل شغفا لكثيرين، يجتمع فيه العشاق والفنانون والشعراء، كان بيت المبدعين والمغامرين والباحثين عن النجومية، هناك مقاه صنعت صيت الأدباء، التقى فيها الأدب النخبوى بالأدب الشعبى، ألم يكن المقهى ملهما، ومادة خصبة لكثير من المبدعين، وألهمهم بشخصيات وأحداث وحكايات ظهرت فى أعمال أدبية ودرامية؟، ألم يكن المقهى للتواصل والونس وطرح هموم الحياة الخاصة والعامة، ومساحة مميزة للمناظرات والمناقاشات، ومكان لقاء أحبة وعشاق عابرين؟.

ألم يكن المقهى فضاء حرا يلهم الطاقات الداخلية لمبدعين ومبدعات، يقفون على الهامش؟، ألم يساهم المقهى فى إثراء الحياة الأدبية والثقافية والسياسية وتجديد دمها؟، الأصوات تسكن رأسى تتعالى: «الخيل أعلم بفرسانها»، الصوت الخفى يدندن شعر محمود درويش: «مقهى وأنت مع الجريدة، جالس فى الركن منسيا، فلا أحد يهين مزاجك الصافى، ولا أحد يفكر باغتيالك، كم أنت منسى وحر فى خيالك»، آه يا درويش، إنه المقهى ساحة معارك المشاعر والأفكار، ضجرت من الانتظار والتحديق خلف الزجاج، حتى الأغانى لم تعد تطربنى، اليوم لا يشبه الأمس، حتى المقعد الخشبى تنازل عن عرشه ولم يعد يشبه نفسه، هل أصبحت غريبة؟، فالغريب يحن إلى أمسه، لماذا لا يوجد فى المقهى شعراء يلهبون الخيال والضمائر، يصفون بشاعة ما يحدث فى فلسطين والسودان، ويعرجون على هموم الوطن؟، هل مات الشعر أم غاب الشعراء؟.. الضباب كثيف على زجاج المقهى والقطة تخربش بصوت عال، ربما ترسم خارطة جديدة للمقهى، خريطة بلا إبداع وبلا مبدعين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المقهى والونس الغائب المقهى والونس الغائب



GMT 20:18 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مع ابن بجاد حول الفلسفة والحضارة

GMT 19:52 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

هل نحتاج حزبا جديدا؟

GMT 09:08 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

7 فرق و11 لاعبًا نجوم البريمييرليج!

GMT 08:51 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 08:49 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

دمامة الشقيقة

GMT 08:48 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة

GMT 08:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

هجمات رأس السنة الإرهابية... ما الرسالة؟

GMT 08:46 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط الجديد: الفيل في الغرفة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 18:02 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
  مصر اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم الدشاش

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 06:04 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 14:18 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!

GMT 21:19 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تربح 7.4 مليارات جنيه ومؤشرها الرئيس يقفز 1.26%

GMT 21:48 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon