توقيت القاهرة المحلي 18:19:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المقهى والونس الغائب

  مصر اليوم -

المقهى والونس الغائب

بقلم - عزة كامل

فى شارع جانبى أسير متعبة فى هذا الصيف القائظ، أصل المقهى، يسعفنى الجرسون بكوب ماء أرطب به حلقى، أطيل التأمل أمامى، أبصر من خلف الزجاج عينى قطة سوداء، تحدق وتخترق أجساد الجالسين وهم يثرثرون، بينما يشربون الشاى ويحتسون القهوة، يغرينى شدو «أم كلثوم»: «ما تصبرنيش بوعود، وكلام معسول وعهود.. أنا ياما صبرت زمان، على نار وعذاب وهوان.. وأهى غلطة، ومش هتعود، ولو ان الشوق موجود وحنينى إليك موجود إنما للصبر حدود»، أى والله يا ست للصبر حدود.

تخطفنى الكلمات إلى زمن بعيد، عندما كان يزدحم المقهى برواده، يمسنى شغف الحكايات، أقلب أحوال قلبى، أرى فى المرآة الصدئة التى أمامى خطين من تعب يحوطان عينى، الذكريات تكبر بهدوء، أرشفها على مهل، أدندن لحنا وأهمس لنفسى: لماذا توقف نبض المقاهى، ولم تعد كما كانت؟!.. لماذا غادر الكتاب والمثقفون المقاهى؟.. يهمس صوت: «لكل عصر مقهاه ولكل مقهى فرسانه»، أرد: كان المقهى يمثل شغفا لكثيرين، يجتمع فيه العشاق والفنانون والشعراء، كان بيت المبدعين والمغامرين والباحثين عن النجومية، هناك مقاه صنعت صيت الأدباء، التقى فيها الأدب النخبوى بالأدب الشعبى، ألم يكن المقهى ملهما، ومادة خصبة لكثير من المبدعين، وألهمهم بشخصيات وأحداث وحكايات ظهرت فى أعمال أدبية ودرامية؟، ألم يكن المقهى للتواصل والونس وطرح هموم الحياة الخاصة والعامة، ومساحة مميزة للمناظرات والمناقاشات، ومكان لقاء أحبة وعشاق عابرين؟.

ألم يكن المقهى فضاء حرا يلهم الطاقات الداخلية لمبدعين ومبدعات، يقفون على الهامش؟، ألم يساهم المقهى فى إثراء الحياة الأدبية والثقافية والسياسية وتجديد دمها؟، الأصوات تسكن رأسى تتعالى: «الخيل أعلم بفرسانها»، الصوت الخفى يدندن شعر محمود درويش: «مقهى وأنت مع الجريدة، جالس فى الركن منسيا، فلا أحد يهين مزاجك الصافى، ولا أحد يفكر باغتيالك، كم أنت منسى وحر فى خيالك»، آه يا درويش، إنه المقهى ساحة معارك المشاعر والأفكار، ضجرت من الانتظار والتحديق خلف الزجاج، حتى الأغانى لم تعد تطربنى، اليوم لا يشبه الأمس، حتى المقعد الخشبى تنازل عن عرشه ولم يعد يشبه نفسه، هل أصبحت غريبة؟، فالغريب يحن إلى أمسه، لماذا لا يوجد فى المقهى شعراء يلهبون الخيال والضمائر، يصفون بشاعة ما يحدث فى فلسطين والسودان، ويعرجون على هموم الوطن؟، هل مات الشعر أم غاب الشعراء؟.. الضباب كثيف على زجاج المقهى والقطة تخربش بصوت عال، ربما ترسم خارطة جديدة للمقهى، خريطة بلا إبداع وبلا مبدعين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المقهى والونس الغائب المقهى والونس الغائب



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon