توقيت القاهرة المحلي 15:42:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ريم بنّا.. وصوت الوطن الذى يبقى

  مصر اليوم -

ريم بنّا وصوت الوطن الذى يبقى

بقلم : عزة كامل

 -1- رحل الجسد، حلق بعيدا إلى مقام الحلم والرؤيا، هزم الموت جسدها، ولكنه لم يهزم روحها، فقد مرت كالشهاب فى عالمنا، كالنور الذى ينهض من قاع الأساطير، رمت على الأحجار معاطفها وهزّت الجبال مواويلها، وانطلق صوتها يرمّم الوجع والألم، نصعد معه إلى مقام الكشف والتجلى ليكتمل قرب النهاية، وتكمل رحلتها، رحلة «ريم بنا» الفلسطينية الاسم والهوية والروح، فى سلم معراجها السرى عبر ألحانها وأغنياتها للوطن وللجرح الإنسانى عموما، رحلت عنا بعدما امتلأ العالم حولها بكل أسباب الرحيل، تركت رائحتها المختلطة برائحة القهوة واللوز، وغرست زيتونتها.

-2-أوقفها القدر عنوة عند مفترق طريق متعثر وصعب، ومضت مع الريح وهى تحمل قلبا لا تخفت صلاته، مرتبكة فى ضبط إيقاعاته، حائرة بين العشق والهوى، وهى تحاول النهوض من حلم عابر وتجرى كغزالة نحو الشمس، وترشف ضوءها، من قمر فى الماء يسبح فينعش المساء، لم يمنعها مرض السرطان اللعين فى أيامها الأخيرة أن تقاوم الموت وتتحداه فتغرد «حين وقفت على قدمى هذا الصباح، وكابرت على وجع شديد أصابهما ومشيت، كأننى ولدت من جديد، أدركت أنى سأتبع درب الورد، لا درب الآلام، وعرفت أنى ماضية مع الريح، كلما علوت وجعى وابتعدت، كلما صغر وضاق»، وعندما أصاب الشلل أحبالها الصوتية التى كانت سلاحها فى مقاومة الاحتلال بعد مرضها، ظلت تغرد، رغم أنها تعلم أن خلف الجدران تولد الأحلام الملونة وتمضى، ولكنها ظلت تكابر وتحاول الغناء، ورغم أنفاسها القصيرة المتقطعة التى تعاندها، حاولت جاهدة، ونجحت بإرادتها وبشغفها للحياة أن تسجل «ألبوم»، ربما يرى النور فى الشهر القادم.

-3-كتبت ريم لأولادها قبل رحيلها بأسبوعين «لا تخافوا، هذا الجسد كقميص رث، لا يدوم، حين أخلعه، سأهرب خلسة من الورد المسجّى فى الصندوق، وأترك الجنازة و(خراريف العزاء) عن الطبخ وأوجاع المفاصل والزكام.. مراقبة الآخرات الداخلات، والروائح المحتقنة، وسأجرى كغزالة إلى بيتى، سأطهو وجبة عشاء طيبة، سأرتب البيت وأشعل الشموع، وأنتظر عودتكم فى الشرفة كالعادة، أجلس مع فنجان الميرمية، أرقب مرج ابن عامر، وأقول.. هذه هى الحياة جميلة، والموت كالتاريخ فصل مزيف».

كان حلمها أن يكون صوتها هو صوت الحرية الفلسطينية، وقد تحقق عندما أطلقت ألبوم «مرايا الروح» وأهدته إلى الأسرى الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية، وحملت صوت وتاريخ فلسطين عبر أغانيها التراثية، بقلب طاف فى الهوى وإلى الحرية، كما تقول فى ثلاثة حروف «هى اسمى وحلمى لا يساوم وغزالتى فى الريح سارحة».

-4-أخذت تؤسس فوضى عواطفها على حافة الهوية وبين عشقها لشجر الزيتون والميرمية واللوز المعجون بعشق تراب الوطن، تصرخ مثل الغزالة، تريد أن تعيد الحياة للغيوم المهاجرة، والمخيلة النازفة، تحمل تاريخ وطنها فى صوتها، تتأمل الهواء وورد الشبابيك ودرب الأحلام الذى لم تعد تطؤه قدماها، والأصدقاء والجسد والوجع والروح، والمشافى التى لم تسع جسدها الصغير، والوطن الذى عشقته.

يا ريم رحلت ولكن مرايا الروح مازالت تحاصرك فى رحلتك إلى أفق الأقحوان وأنت تترقرقين توهجا فوق عوسج الجدران، ورمقك الأخير يشتعل فى صمت الحنايا ويمتد إلى الوطن ترنيمة للسفر ومطر ينعش أغنيات القمر.

نقلاً عن المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ريم بنّا وصوت الوطن الذى يبقى ريم بنّا وصوت الوطن الذى يبقى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 13:18 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور
  مصر اليوم - تامر حسني يكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل ويصدم الجمهور

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon