بقلم - عزة كامل
ملايين النساء اللاتى تسرن ولاتجدن الحلم، منسيات ومحاصرات، يتوجعن فى صمت، ويعانين القسوة والتهميش، وتبقى حكاياتهن مهملة، وخلف الأبواب الموصدة، ويتمدد الجفاف فى القلوب والبصائر، ويصهل صدى الوجع فى الهواء وفى المرايا، وهن وحدهن يلملمن الجراح المتشظية بين الركام، يحاولن فتح النوافذ والستائر ليدخل الضوء، ويزداد هيام أرواحهن للطيران، ويرسمن باللون البرتقالى على الجدران والأسّرة والقلوب والفضاء، ليظهر قرص الشمس ويسكب أشعته ويفيض عليهن وعلى البشرية.
«العالم برتقالى# اسمعنى أنا أيضا»، هو عنوان الحملة العالمية لهذا العام، والتى أطلقتها الأمم المتحدة خلال الـ16 يوما لمناهضة العنف ضد النساء، والذى يبدأ من 25 نوفمبر حتى 10 ديسمير، وهو اليوم العالمى لحقوق الإنسان، يتم تشجيع المشاركين والمشاركات فى أنحاء العالم على ارتداء اللون البرتقالى، وهو رمز لمستقبل أكثر إشراقا، ولعالم يخلو من العنف ضد النساء والفتيات، وفى ختام الـ16 يوما تكتسى أهرامات الجيزة وأبوالهول وبرج القاهرة ومكتبة الإسكندرية باللون البرتقالى، فى رسالة عالمية لوضع حد للانتهاكات المرتكبة بحق المرأة.
لن يتوقف العنف ضد المرأة، طالما يوجد شيوخ الفتاوى، الذين تحط فتاواهم من قدر وكرامة النساء والفتيات وتعاملهن معاملة الجوارى، يختبئون وراء ستار الدين، ويحللون ويحرمون ما يناسب لأنفسهم ولمصالحهم البائسة، فذلك يفتى بتحريم ملامسة النساء للموز والخيار والجزر بدعوى أنها تؤدى إلى إغوائهن، وأنه يجب سنّ قانون لإعادة نظام الجوارى لحماية الرجال من الفساد والزنى، ويجوز للأب أن يتزوج من ابنته إذا أعجبته لو جاءت من ماء زنى، وآخر يفتى بمفاخدة الصغيرة، والسماح لزواج البنات فى التاسعة من العمر، ويجوز للأب تزويج البنت وهى فى رحم أمها، وأن التحرش بالمرأة واغتصابها تقعان جريرتهما على عاتقها وحدها، لأنها غير محتشمة.
هذه الفتاوى تؤدى إلى عنف جسدى ونفسى وجنسى ضد المرأة فهى دعوة للتحرش والاغتصاب، وتزويج الطفلات والإتجار فى البنات، ومنعهن من حقوقهن الاجتماعية والصحية والمدنية، بل من حقهن فى الحياة، بالإضافة للتمييز ضدهن فى جميع المجالات وفى الفضاء الخاص والعام، سيتوقف العنف ضد المرأة عندما نلغى القوانين والممارسات والأعراف التمييزية ضدها ونحارب الفتاوى المسمومة ونتعامل معها كمواطنة كاملة الأهلية حرة مستقلة غير تابعة أحد، فليلبس كل منا، رجالا ونساء، اللون البرتقالى، ونضع أشرطة برتقالية على سيارتنا وشرفات منازلنا ومكاتبنا ليكون ذلك نوعا من التفاؤل فى مستقبل يخلو من العنف، والتزام بمحاربة والقضاء على هذا العنف المتفشى فى عالمنا.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع